كانت في الماضي مجتمعاتنا بدوية ريفية وكانت القبائل تتخذ من محاصيلها الزراعية وما نحوها «راتبا» و«عملا»، أي أنها بالمنطلق الحديث وظائف ذاتية منهم وفيهم.
لكن اليوم مع التمدن والحضارة التي نشاهدها، ولا ننسى العلم الذي وسع الآفاق الفكرية والأهداف للناس بتحويل «الوظائف الذاتية» إلى «وظائف مدنية» بأن تكون تابعا لعمل ما، عكس ما كان عليه في السابق.
اليوم نرى شباب وطننا، وهي نسبة عالية قلما من تجده دون شهادة عالية، بزغ هلال علمهم لكي يتمكنوا من دعم هذا الوطن بالعمل، فمع الأعداد الهائلة وقلة الوظائف حدثت هذه الفجوة اللعينة المسماة بالعطالة.
لا نلوم هؤلاء الشباب، وأنا هنا أكتب وأنا منهم وأعايش ما يعايشونه، فهم الآن يفكرون في ما وراء المستقبل بسبب حاضرهم المظلم، يقولون في أنفسهم وهم مدركون ذلك: نملك العلم والكفاءة والقدرة، ولكن أين نوظفها وأين نفرغها؟
على الرغم من كل ذلك تأتي صرخات المنظرين أنهم لا يمتلكون القدرة على العمل وأنهم يريدون من المستحيل أن يصل إليهم دون السعي نحوه، وهؤلاء المنظرون في نعيم دائم لم يعيشوا تجربة البطالة ولو ثانية واحدة.
أصدقك القول أيها العاطل عن العمل أن هذه البطالة اللعينة أحدثت شرخا في جدار النفس لا تصلحه أي وظيفة كانت، وأنها مرحلة مؤلمة لا تنسى ولو مرت السنوات.
أيها العاطلون برمتكم، اتخذوا مرحلتكم هذه للتعلم واكتشاف ذواتكم التي لم يكشفها الوقت، لا تجعلوها مرحلة تكسر الشوك بأيديكم، تناسوا ألمها وغضوا الطرف عن المصاعب والاستصغار الذي يقال عنكم من الناس، اجعلوها مرحلة بناء لا هدم، والوقت كفيل بذلك، تشبثوا بأملكم وتفاؤلكم ولكم في كفاح السابقين عبرة. وتيقنوا أنكم في وطن ولا كل الأوطان واضعا نصب عينيه واهتمامه الشباب.
@asir_26