والمنطقة الحجازية في هذا المجال لها مذاق مميز فهي التي فتحت ذراعيها لكل من أراد زادا روحيا أو ملاذا آمنا من فقر أو قهر وكانت جدة التي رسخت أقدامها في عمق التاريخ محطة لتلك المراكب والأمواج التي قدمت من جميع الاتجاهات من مسالمين ومحاربين وهي لم تسلم من غارات أساطيل وقراصنة كما قال المؤرخون وكما شهد به ذلك السور الذي استمر حتى عام ١٣٦٦هـ وهذا قدرها الذي تغبطه عليها كثير من المدن منذ أن تشرفت بأن تكون الميناء الأول والأقرب لمكة المكرمة جوا وبحرا وبرا، خصوصا وأنها ليست بعيدة عن المدينة المنورة الأمر الذي جعلها بوابة الحرمين بلد القناصل وخزانة مكة ومطرح اليمن كما ذكر ذلك المقدسي في كتابه أحسن التقاسيم، وجدة بكسر جيمها أو ضمه على اختلاف بين المؤرخين واللغويين قد سنّم من خصوصيتها ولازم شخصيتها ذلك الاسم الذي لم يتغير من آلاف السنين.
وعروس البحر الأحمر اليوم وهي تمتد لما يقارب ١٠٠ كيلو ممثلا بكورنيشها الساحر على ذلك الساحل الذي يعد من أكثر بحار العالم تنوعا في الحياة البحرية والشعاب المرجانية أضحت مدينة عالمية بنكهة سعودية استشرفت نهضتها السعودية بداية على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- من حين نزل بساحتها عام ١٣٤٤هـ، ثم تواصلت الجهود من ملوك هذا الوطن المعطاء حتى تشكلت منها بيئه سياحية جاذبة ومنافسة بدليل اتساعها لأكثر من مائتي ضعف، وها هو صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل الذي قضى على كثير من مشاكلها وجعلها تجمع بين هويتها القديمة في منطقة جدة التاريخية وبين متطلبات العصر الحديثة تستقطب شركات عالمية وأسواقا مالية ومنتديات فكرية وكأنها متحف مفتوح يحتضن بداخله الكثير من المعالم والمآثر المشاهدة وبالذات في قلبها النابض وحاراتها الأربع الشهيرة التي تغنى بها شعراؤها المبدعون.
ولا غرابة فكل من تحط به الرحال بها يقع في حب هذه العروس أشهر مراكز الأعمال والتجارة وأكبر موانئ البحر الأحمر على الإطلاق.
إنها مدينة الضجيج لأولئك المزيج من كل سكان هذا الكوكب يوم كانت جدة أم الرخاء والشدة ولكنها من بعد أمطارها وما خلفته سيولها اختفى بعض بريقها !!!
@yan1433