المرونة هي قدرتنا على الخروج بسرعة من أوضاع صعبة وتجارب سلبية، والتعافي بسلاسة من الصعوبات والانتكاسات، ومن الخصائص الرئيسية لأصحاب المرونة هو اقتناعهم الداخلي بسيطرتهم ومسؤوليتهم على إدارة الأحداث، ولذا تجدهم يركزون جهودهم على إيجاد الحلول بدلا من تبني ذهنية الضحية والبحث عن شماعة لإلقاء اللوم، فهم يؤمنون بعدم قدرتنا على التحكم بما تحمله لنا الأيام أو تصادفنا به الحياة، لكننا نملك جزءا كافيا من خيار كيفية استجابتنا، الأمر الذي يعطينا إحساسا بالسيطرة والتحكم، ورغم أن العديد من أصحاب المرونة قد تبرمجوا عليها مبكرا في طفولتهم، وبمساعدة البالغين الداعمين لهم، إلا أنه من الممكن في أي عمر العمل على زيادة المرونة في التعامل مع تحديات الحياة باكتساب منظور جديد للموقف، فبدلا من الغرق في الانتكاسة تذكر بأنها ليست نهاية العالم، وتساءل كم سيكون هذا مهما في غضون يوم، أسبوع، شهر أو سنة من الزمن، فهذا الأمر سيمضي وستكون هناك دروس مفيدة للتعلم مما حدث، كما تساعدنا استشارة المحيطين الثقاة على التجاوز واكتساب المزيد من المرونة في معالجة الموضوع، لأن نظرتنا الخاصة كثيرا ما تكون متحيزة وغير دقيقة، وتمنحنا النظرة المحايدة منظورا إيجابيا أوسع، وطلب الدعم لا يعني علامة ضعف وإنما معيار لقيمتك الذاتية ومدى شعورك باستحقاق الاهتمام من المحبين لك، وتقديرك لقيمة آرائهم مما يعزز روابط العلاقة بينكم، المهم هو أن تستشير حكيما يدعمك في إيجاد الحلول، بدلا من مشاركتك في اللطم واللوم مرارا وتكرارا، وهناك مثال يستخدمه بعض مدربين التنمية البشرية لتقريب مفهوم المرونة الذهنية، حول الفرق بين الذبابة والفأر، فقد أرادت الذبابة الخروج من نافذة مغلقة، وحاولت كثيرا وارتطمت مرارا حتى خارت قواها وماتت، ولو فكرت وحاولت تغيير أسلوبها لوجدت بابا كبيرا قرب النافذة مفتوحا على مصراعيه، بينما نجد اختلافا شاسعا مع سلوك الفأر في إحدى التجارب العلمية، فقد تم وضعه في متاهة بآخرها قطعة جبن، وحاول الوصول للجبن بطرق متعددة حتى نجح في النهاية، فأعادوا التجربة بعد تغيير مكان قطعة الجبن، وفي البداية ذهب فورا للمكان القديم فلم يجد شيئا، فبادر بتغيير الاتجاهات وتجريب مسارات مختلفة حتى وجد الجبن مرة أخرى، وهذا هو المقصود بالاستجابات المرنة، ولقد تم استخدام رمزية ذلك الفأر المرن في الكتاب من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي، والصادر عام 1998، الذي تم توزيعه من المئات من إدارات الشركات على الموظفين، والحكاية ترمز لتقلبات التغيير الذي يواجه الجميع في حياتهم وعملهم، ويستعرض أربعة ردود فعل متباينة من خلال رحلة بحث لفأرين وقزمين، يعيشون في متاهة تمثل المكان الذي نبحث فيه عما نريد، والجبن هو رمز للهدف كالمال أو الوظيفة أو المركز أو الحب أو الصحة أو العلاقات، ويخلص الكتاب إلى أن التغيير يحدث دوما وقطع الجبن تتحرك باستمرار، فكن مستعدا ومرنا للتأقلم، و كلما تخلصت أسرع من الجبن القديم استمتعت أكثر بالجبن الجديد.
LamaAlghalayini@