والتحذيرات الدبلوماسية الدولية تخشى من تطور الأمور إلى مرحلة يختل فيها التوازن الهش نتيجة فرض أمر واقع لا يمكن تجاوزه بسهولة وهذا ما يرجع ضمنا إلى سيطرة حزب الله على ما تبقى من السلطة. وهو أمر خطير لا يمكن تداركه ولا طي مظاهره السلبية على مستقبل لبنان وفئات واسعة منهم ولا سيما أولئك الذين انهارت مداخيلهم وسدت في وجههم سبل العيش. ولولا الأزمة النقدية والمالية واحتجاز مدخرات اللبنانيين في المصارف لكانت الهجرة هددت مناطق بكاملها وأفرغتها من سكانها نتيجة الترددات الخطيرة التي قادت إليها السياسات العامة المعتمدة على أكثر من صعيد سياسي ودبلوماسي واجتماعي.
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، فالأخطر أن انضمت مجموعة الدول المانحة التي ما زالت تعطف على اللبنانيين إلى باقي المجموعات والتكتلات الاقتصادية التي شطبت بيروت من مجالاتها الحيوية إلى أجل غير مسمى سعيا إلى حماية رأسمالها وادخاره لاستثماره حيث البيئة الآمنة والصالحة التي تسمح بذلك. ويضاف إلى أسباب هذا القلق، سيطرة «حزب الله» على لبنان، ووجود طبقة سياسية «لا يفوتون فرصة لتخييب الآمال».
الجيش والشعب
وأكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أمس الأحد، أن «الجيش من الشعب ولا يجوز وضعه في وجهه». وقال: لا يحق للبعض أن يجعل الجيش جيش السلطة، وأن يحوله جيش التدابير القمعية ولا يجوز تغطية وجود أي سلاح غير شرعي إلى جانب سلاح الجيش، والجيش هو رمز الوحدة الوطنية ومحققها بالمحافظة عليه، نحافظ على الوطن وسيادته وحياده الإيجابي، وعلى الثقة بين أطيافه، والولاء له دون سواه.
ودعا الراعي المتظاهرين إلى احترام حق المواطنين بالتنقل من أجل تلبية حاجاتهم، وإلى تجنب قطع الطرق العامة، واستبدالها بتظاهرات منظمة في الساحات العامة يعبرون فيها عن مطالبهم المحقة، وفقا للأصول القانونية والحضارية، إنهم بذلك يتجنبون أي صدام مع الجيش والقوى الأمنية، ويقفون سدا منيعا بوجه المتسللين المخربين.
عدو السياسيين
من جهته دعا مطران الروم الأرثوذكس إلياس عودة، المسؤولين إلى تجربة خبرة الصوم والانقطاع عن المواد الأساسية، وخبرة عدم وجود الكهرباء والمولدات في بيوتهم، وعدم القدرة على الذهاب إلى المستشفيات في حال مرضهم، علهم يشعرون بجزء بسيط مما يشعر به الشعب. مسؤولونا صوموا الشعب عنوة وجوعوه، وهذا يدعى إرهابا وإجراما.
الصوم عمل اختياري وحر، أما التجويع فقتل. أنتم تأكلون وتشبعون. ماذا عن المواطن؟ ما ذنب الأطفال الرضع الذين يبحث أهلهم عن الحليب لإطعامهم فلا يجدون؟ ما ذنب الأولاد الذين يعجز أهلهم عن تأمين غذاء متكامل لهم لكي يكبروا ويصبحوا المستقبل الواعد لهذا الوطن؟ ما ذنب كبار السن الذين يحتاجون إلى الغذاء الصحي لكي يبقوا على قيد الحياة؟ العالم منشغل بالابتكارات العلمية والتكنولوجية ويبحث في قضايا متطورة، أما نحن، في لبنان، فنبحث عن الغذاء الذي هو حق للجميع، ولا نزال نطالب بالكهرباء التي أصبحت من الأمور البديهية في بلدان العالم.