ذكر ابن خلكان في وفيات الأعيان أن: أبو الحسن الكناني الملقب بـ (سديد الملك) جرى له أمر مع صاحب حلب تاج الملوك محمود بن مرداس، خاف على نفسه منه، فخرج من حلب إلى طرابلس الشام، فطلب صاحب حلب من كاتبه نصر الحلبي أن يكتب لسديد الملك كتاباً يتشوّقه ويستعطفه ويستدعيه إليه، ففهم الكاتب أنه يقصد له شراً، وكان صديقاً لسديد الملك، فكتب الكتاب كما أمر إلى أن بلغ إلى «إن شاء الله تعالى» فشدد النون وفتحها، فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عرضه على مَنْ حوله، فاستحسنوا عبارة الكتاب واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه، فقال سديد الملك إني أرى في الكتاب ما لا ترون، ثم أجابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال، وكتب في جملة الكتاب «أنا الخادم المقر بالإنعام» وكسر الهمزة من أنا وشدد النون، فلما وصل الكتاب إلى محمود ووقف عليه الكاتب سُرّ بما فيه، وقال لأصدقائه: قد علمت أن الذي كتبته لا يخفى على سديد الملك، وقد أجاب بما طيب نفسي؛ وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى: (إنّ الملأ يأتمرون بك ليقتلوك)، فأجاب سديد الملك بقوله تعالى: (إنّا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها)، وفهم ما سيحصل له.
تراثنا الخالد يستحق المحافظة عليه وتقديمه في أجمل صورة للعالم من خلال الترجمة، فليس شرقنا كما يتصوره الغرب أنه ألف ليلة وليلة، بل هو مليء بكل ما تتمتع به وتحتاجه الإنسانية، وفي هذه القصة بيان للفطنة والدهاء، الذي يحمله العربي ويجب أن ننميه ونربي عليه، ودليل على عظمة هذه اللغة الخالدة وما تحمله من ثراءٍ وجمال.
ولذلك يجب أن نستبدل ما شاء الله عليك تتحدث اللغة الإنجليزية إلى ما شاء الله عليك تتحدث لغة القرآن الخالدة، واحمد الله على ذلك، فكم من مسلم يتمنى فهم اللغة العربية ليفهم كلام الله، ويجب أن ننمي الثقة بلغتنا العربية في نفوسنا ونفوس أبنائنا، ويجب أن ننظر باعتزاز إلى مَنْ يتحدث بلغته العربية، وأن نستهجن من يتحدث هذه اللغة المخلوطة بين العربي والإنجليزي أو حتى مَنْ يتكلم كشكسبير بغير حاجة في مجتمع عربي إسلامي يفخر ويفاخر أنه المملكة العربية السعودية.
shlash2020 @