انتشر في الفترة الأخيرة الاهتمام بظاهرة التنمر، وذلك لانتشارها في مجالات حياتية كثيرة مثل المدارس أو الجامعات، أيضا في مجالات العمل، ولذا أطلق على هذا النوع من التنمر باسم التنمر الوظيفي، وقد يأتي هذا النوع من التنمر الوظيفي في عدة أشكال، حيث قد يكون من قبل مدير العمل تجاه مرؤوسيه، أو من قبل زملاء العمل تجاه زملائهم، وقد ترجع تلك الظاهرة إلى الاضطرابات النفسية، التي يعانى منها المتنمرون؛ لأنهم يعانون من بعض عقد النقص، ولديهم رغبات دفينة لإثبات الذات وعليه فهناك عوامل تساعد على انتشار هذه الظاهرة في العمل مثل: غياب أنظمة الرقابة من قبل المستويات الإدارية الأعلى، وضعف وإخفاء لوائح العمل، التي تحدد القواعد المنظمة للعمل، وغياب لائحة وقوانين الجزاءات، وتصنيف المخالفات بمعنى أكثر وضوحا عدم وجود الشفافية أو المحاسبية كقواعد مهمة تنظم العمل، وفى المقابل جهل الموظف بحقوقه الممنوحة وفقا لقانون العمل، أيضا غياب وافتقار المؤسسات لسياسات مواجهة ظاهرة التنمر الوظيفي ووفقا لنتائج العديد من الدراسات والبحوث توجد مظاهر عديدة لهذه الظاهرة السلبية، فقد يأتي في صور الإساءة أو المضايقات سواء اللفظية أو غير اللفظية كالإيماءات أو التلميحات، التي تهدف إلى التشكيك وإثارة الخوف أو القلق بصوره العديدة، وقد يأتي في صورة عدم قبول الأعذار المرضية أو التغيب بسبب الظروف العائلية أو الترصد بالموظف ووضعه تحت المجهر والتقليل من جهده وإنجازه وتضخيم أخطائه حتى لو كانت بسيطة ويعتبر التجاهل أحد صور التنمر الوظيفي، كذلك الإذلال أو الاستغلال بسبب معلومات خاصة أو حساسة، ولهذا يعتبر التنمر محاولة إنقاص حق مكتسب لشخص ما من قبل شخص أو جهة صانعة قرار بأمور المتنمر عليه ومن أحد الجوانب، التي يجب أن ندركها هناك في الواقع كثير من ردود الفعل، التي تترتب على التنمر الوظيفي، حيث نجد الغالبية العظمى من الموظفين، الذين تعرضوا له يأتي رد فعلهم في شكل السكوت وتحمل التنمر، وذلك خوفا من الفصل من العمل، وهذا لا يعني بالضرورة الضعف أو عدم القدرة على الدفاع عن النفس أو ضعف الشخصية، وهذا ما يجب أن يدركه المتنمرون؛ لأن زيادة جرعات التنمر من قبل المديرين تجاه موظفيهم قد تؤدى إلى انفجار انفعالي لا يحمد عقابه، كما أن التنمر الوظيفي قد يؤدى إلى العديد من الآثار السلبية على الموظفين، فقد يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية، وهذا بدوره يؤثر على مستويات الأداء والكفاءة المهنية للعمل وانخفاض روح الفريق وزيادة نسبة دوران العمل وتشتت الموظفين تجاه أدائهم والشعور بالتدني، ومن جهة أخرى يلجأ البعض إلى أساليب الاسترضاء، وهذا يؤدي إلى مناخ متوتر في داخل المنظمات بكل أنواعها، ولهذا ننصح بضرورة محاربة هذه الظاهرة عبر مجموعة من الآليات كحزمة إجراءات أولها وضع قوانين ولوائح عمل واضحة لما هو صواب أو خطأ لكل المستويات الإدارية من أعلى إلى أسفل، كذلك تفعيل نظم الرقابة الإدارية مع التوعية بضرورة عدم قبول التنمر بكل أشكاله وصوره واللجوء إلى الرفض الهادئة من خلال توجيه الحديث للتنمر بضرورة التوقف وعدم الاستمرار في هذا السلوك والتنبيه على الالتزام بقواعد ولوائح العمل.
[email protected]