لقد رعت المملكة العربية السعودية وتبنت الخطاب الإسلامي المتسامح، وتفاعلت مع مشاريع وبرامج التواصل الإنساني، ورفضت بقوة الاستغلال السياسي للدين، كونه يشكل تهديدا لأي مجتمع، وعملت على تعزيز احترام الديانات وحفظ حقوق أتباع الملل والنحل، ولم تغفل التواصل عبر المؤسسات المعنية بحوار الأديان وتفاعل الحضارات لتحقيق حصانة للمجتمعات من التعصب ونبذ وشجب العنف والتعاطف مع كل مكلوم ومصاب في كل أرجاء المعمورة.
وأن المتابع لتوجهات المملكة العربية السعودية يلمس مدى رغبتها في تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان والعمل على إيجاد القواسم المشتركة، التي تجمع الشعوب ليعيشوا بسلام، وكان آخر تلك المواقف استقبال المملكة لأول بطريرك ماروني في زيارة وُصفت بالتاريخية. وكذلك زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى الأزهر الشريف والكنيسة المرقسية في شهر مارس عام 2018م، ذلك يؤكد أن كل الأديان تقوم على التسامح والرحمة والتواصل والتعايش، وبذلك فهو يضرب أروع الأمثلة للقاء الحضاري والعيش المشترك في قلب القائد الكبير.
وأن ما سعت إليه المملكة في الوقت نفسه لمد جسور الحوار والتواصل بين اتباع الأديان والثقافات من خلال برامج عديدة على المستوى الوطني متمثلة في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وعلى مستوى العالم إسهامات المملكة في تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين اتباع الأديان والثقافات (كايسيد)، الذي يهدف المركز إلى دفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع، وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب.
وكانت وما زالت سياسات المملكة المعتدلة وخطابها الإنساني محل تقدير العالم بأسره، كما حققت نجاحات كبرى حقنت بها دماء وأنهت بها نزاعات، ولم تقف يوماً موقف المتفرج، بل وظفت إمكاناتها لرفع الظلم وردع العدوان وتأصيل مبادئ وقيم حقوق الإنسان، ما يفتح للعالم نوافذ الأمل في العدالة والحرية والأخلاق السامية، وتحجيم مساحات العنف وتضييق الخناق على كل ما يوفر مناخاً خصباً للأصوليات الحمقاء، وتغليب صوت الاعتدال للجم ضجيج التطرف والقضاء على الإرهاب.
وهنا يعيش على أرض مملكة الخير.. أرض الاستقرار والسلام والتنمية أناس من أجناس شتى وثقافات ذات أصول مختلفة، ولكنها على الرغم من ذلك نسيج واحد يتعايش كل أفراده في محبة ووئام.
وختاماً أقول إنه حان بنا الوقت لأن تُشاع ثقافة التسامح في مجتمعنا ومدارسنا وجامعاتنا ومساجدنا وإعلامنا؛ لأنها الفضيلة، التي تستحق أن نتحلى بها جميعاً لما تحمله من معانٍ سامية وقيم راقية. لأن التسامح ليس فقط واجباً أخلاقياً ولكن أيضا التزاماً سياسياً وقانونياً للأفراد والجماعات والدول.
@Mohd_alhajry