ووصف الشاعر عباس العاشور الشعر بأنه رمز لإبداع العقل البشري، حيث يحتفل العالم به منذ عام 1999، إذ تشيد «اليونيسكو» بالرجال والنساء الذين لا يملكون سوى أقلامهم وألسنتهم للتعبير عن أفكارهم وآرائهم وخواطرهم، وتنظم الفعاليات سنويا بهدف تجديد الاعتراف وإعطاء زخم للحركات الشعرية الوطنية والإقليمية والدولية، ودعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، بالإضافة إلى دعم الشعر، والعودة إلى التقاليد الشفهية لأمسياته، وتعزيز تدريسه، وإحياء الحوار بين الشعر والفنون الأخرى، ورغم تشجيع «اليونسكو» الدول الأعضاء على القيام بدور نشط في الاحتفال باليوم العالمي للشعر، فإننا في كل عام نجد أنفسنا أمام شح من الفعاليات التي كنا ننتظرها، فالظاهر أن محاولات إيحاء هذا اليوم خجولة، والأكيد أنها لا ترقى للمأمول، فعلى الرغم من أن فضاء الإنترنت واسع ورحب، ويستطيع التواصل مع العالم بضغطة زر، فإن الكثير من الأسماء الشعرية تغيب عن هذه المناسبة.
وتساءلت الشاعرة تهاني الصبيح: في يومه العالمي.. ماذا قدمنا للشعر؟ هل يمكن أن يكون للشعر يوم عالمي دون أن يستحق هذه الحفاوة؟ وأضافت: ارتباطنا بالشعر تجاوز المشاعر ليكون قربى ونسبا، فهو يسكننا سكنى الدم في الوريد، ورغم تنوع التيارات واختلاف الثقافات، فخارطة الوطن العربي تعيد إنتاج شعراء أفذاذ سيكون لهم في المستقبل القريب كلمة مدوية، لكن ما يقدم لهم من الدعم والرعاية والعناية لا يتجاوز برامج المسابقات، والمناسبات التي تخضع في أحيان كثيرة لحسابات ليس للشعر علاقة بها، وما زلنا نسأل: كيف يمكن أن نستثمر طاقة الشعر وجمالياته في تغيير خارطة الوعي بالذات والآخر؟ وكيف نقدم أنفسنا في لغة حضارية تقول بكل اعتزاز ها أنذا؟ وما زلنا بحاجة إلى وثبة ترتب لغتنا وذائقتنا، وتبني هويتنا الحضارية، ولعل يوم الشعر العالمي يكون فرصة للإجابة عن هذه الأسئلة.
أما الشاعرة حوراء الهميلي فقالت: اليوم العالمي مناسبة لنقرأ الشعر بصوت مرتفع، ولأن نتذكر الشعراء الذين مضوا في حياتهم وتركوا لنا قصائد نلجأ إليها لنستمد منها مشاعر الحب والفخر والجمال وكل المعاني الإنسانية، نقول للشعر في يومه «أنت سيد الكلمات دوما»، فمنذ كان الشعر ديوان العرب والاحتفاء به يكون على مدى العام، أما وقد دارت به الأيام دورتها وآلت به السنون مآلها، فإن يوما واحدا في العام يكون مكسبا كبيرا للشعر والشعراء، حتى إن قصرت أغلب المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في شأنه، فيكفي أن نشعر بوجوده بيننا، ونستجلي ظلال مفرداته، فالشعر ليس موسميا بل هو حالة غير مستقرة لا يستطيع ترجمتها إلا أبياته.
وقالت الشاعرة مريم الفلاح: الشعر يتنفس دون ضجيج بعيدا عن حصره في يوم واحد، فهو يحلق في سموات الإبداع، ويحط رحالة بين الحنايا، يمتزج حبا وبوحا ويعصرها ألما.
وأضافت: لن يستطيع يوم واحد أن يحتمل ما لا يطيق من هموم الشعراء والنقاد، ومحاولات تغييره أو فهمه، خصوصا إذا كنا نتحدث عن الشعر أكثر مما نسمعه، ونقرأ الدراسات حوله أكثر مما نقرؤه، وهذا ينطبق على الإبداع بشكل عام، وأتمنى في يوم الشعر أن يكون حضوره حقيقيا مترجما لمسيرته التاريخية عبر العصور، بعيدا عن البيروقراطية التي تقتل الشعر وتدفع الجمهور إلى الهرب منه، فالشعر كلما كان قريبا من النفس، فهو ينمو في التفاصيل اليومية البسيطة، وعلينا أن نقدمه في مكانه ولأهله، ونطرحه بطريقة أنيقة ولائقة بعيدا عن الإسفاف.