ولذلك ولأسباب أخرى تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام ٢٠٠٢م كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، فهدفها محاكمة أشخاص لوثوا الفطرة البشرية السوية وأخرجوها من نطاق الإنسانية إلى التوحش الذي لا يطاق.
ومن تلك الأمثلة الخطيرة في بث الفتاوى والأفكار المتطرفة فتوى لأحد قادة الميليشيات في اليمن والمحرضة على قتل جنود الجيش الوطني اليمني صاحب الشرعية الدستورية في الدفاع عن وطنه اليمن، وكذلك فتوى لأحد رموز تنظيم الإخوان بهدر دم العقيد القذافي رئيس ليبيا الأسبق، إذ أسهمت كل تلك الأفكار والفتاوى في مذابح بشرية وزعزعة استقرار المنطقة، لذا يجب تصنيف أصحابها كمجرمي حرب كونهم الباعث الأساسي للعنف والدموية.
أرجو إقرار هذا المبدأ في المحكمة الجنائية الدولية لمحاصرة بواعث التطرف والإجرام وليس محاسبة من نفذ تلك الفتاوى والآراء المتطرفة على أرض الواقع فحسب، فالقانون الدولي الإنساني دوره تخفيف حدة النزاعات المسلحة، والقانون الدولي العام هدفه سرعة العودة إلى حالة السلم والأمن الدوليين، والأديان السماوية هدفها حقن الدماء وحفظ كرامة وحرمة دم الإنسان، ولذلك على المحكمة الجنائية الدولية توسيع مفهوم جرائم الحرب ليشمل من أوجد وشرعن وحرض على فكرة القتل الجماعي، وتسبب في وقوع مجازر وإبادات جماعية استنادا إلى تلك الفتاوى والأفكار المتطرفة.
@falkhereiji