أما الأطفال من عمر سبع سنوات إلى عمر إحدى عشرة سنة فهم يفهمون معنى التعايش مع الآخرين وأن الحياة فيها أخذ وعطاء، وأنه لكي يأخذ شيئا لا بد أن يعطي شيئا مقابله، أما الأطفال من عمر إحدى عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة ففي الغالب يدخل الوالدان في صراع مع أبنائهما في هذه المرحلة العمرية إذا لم يستخدم الوالدان التفاوض كأسلوب مع الأبناء، وفي هذه المرحلة تكثر مقاطعة الأبناء لوالديهم أو الابتعاد عنهم لأن الأبناء لديهم شعور بعدم الاستماع لآرائهم والحوار معهم أو مناقشتهم، لهذا يفضل أن يفاوض الوالدان أبناءهما في هذه المرحلة ويسمحا لهم بالمشاركة بوضع القوانين التربوية المنزلية، فالمفاوضات مع الأبناء تعني التعامل المرن، وهذا الأسلوب له فوائد تربوية كثيرة، منها تضييق مساحة الخلاف بين الآباء والأبناء لأنهم بالتفاوض يصلون إلى حلول مرضية للطرفين، والفائدة الثانية أن الآباء يتعرفون على احتياجات أبنائهم عندما يتفاوضون معهم، فمثلا عندما يطلب الابن الهاتف النقال طول اليوم ونتفاوض معه في الساعات المسموح بها نكون قد عرفنا منه أهمية هذا الهاتف بالنسبة له وتعلقه به، والفائدة الثالثة أن بالتفاوض والمرونة يصل الطرفان الآباء والأبناء لأرضية مشتركة واتفاق بينهما وهذه تقوي العلاقة التربوية، والفائدة الرابعة غرس الثقة بالنفس والتعاطف مع الآخرين فلا يعيش الأبناء بوهم أن الآباء يكرهونهم أو أنهم ضدهم كما لا يعيش الآباء بوهم أن الأبناء دائما يخالفون كلامهم وتوجيهاتهم وأنهم متمردون عليهم.
وربما يستغرب الآباء وهم يقرأون هذا المقال أن الطفل أكثر ما يفرحه ويسعده (التفاوض)، لأن التفاوض يشعره بقيمته وأن رأيه يسمع ويحترم ويستجاب لبعض مطالبه فيكون سعيدا ومتعلقا بالوالدين أكثر، كما أن الآباء صنفان في هذا الأمر، الصنف الأول الآباء المتسلطون والثاني الآباء الذين يطلقون الحرية لأبنائهم فيفعلون ما يريدون، فلا الصنف الأول ولا الثاني يعلم الطفل التفاوض والمرونة، بل بالعكس التسلط يعلمه التمرد وإعطاء الحرية الكاملة يعلمه الغرور والتكبر وتضخيم الذات، ولهذا حتى ينجح تفاوضك مع ابنك لا تتفاوض معه وأنت غاضب أو مستعجل وإنما اختر المكان والزمان المناسبين للتفاوض.
@drjasem