n قامت الحضارات عبر التاريخ على ضفاف الأنهار حيث وفرة الماء. وكانت بقية مناطق العالم الفقيرة بالماء طاردة للبشر عبر التاريخ. وهذا مؤشر على أهمية الماء. ويكفي الإشارة إلى أن جميع الدول الأكثر فقرا بالماء هي دول عربية. وتحتل المراكز العشر الأولى على مستوى العالم. ثم نجد أن جميع دول الخليج العربي تقع من ضمن هذه الدول العشر الأكثر فقرا بالماء على مستوى العالم. ماذا يعني هذا؟
n في المملكة العربية السعودية سقى الله أرضها وحفظها، نجد أن المشكلة الأعظم تكمن في ندرة الماء. وأيضا بتواجد محدود. هذا يزيد من درجة حدة التحديات التي نواجه، وأيضا يعظمها. فمورد الماء الطبيعي محدود وهذا يزيد من مسئوليتنا ويعظم من شأنها. فخطورة ندرته مستدامة. وهذا يجعلنا في موقف صعب وخطير وحاسم. موقف يهدد حياتنا وحياة أجيالنا القادمة مع تجاهل أهمية هذا الماء. كنتيجة يجب أن يكون الماء محور أي تنمية. محور يحدد أبعادها وأهدافها ومستقبلها.
n وعندما نستشعر خطورة ندرة الماء فهذا يعني أننا نعطي لحياتنا أهمية قصوى. وكذلك حياة أجيالنا القادمة. من يُفرّط في الماء النادر كمن يُفرّط في الحياة نفسها، ومن لا يعيره أهمية كمن يرمي بنفسه إلى التهلكة.
n وقد وصلت مرحلة التشبع بأهمية الماء في بلدنا وأهمية استدامته، فكان أن قضيت أكثر فترات عمري العملية محذرا ومنذرا من مغبة الجور على مياهنا الجوفية المحدودة والإستراتيجية. وكتبت الكثير عن هذا الأمر. ثم وثقت جهدي ووضعته في كتب. أذكر هذا كجزء من توثيق كفاحي في اليوم العالمي للمياه. فجاء كتابي الأول بعنوان: (قبل أن تنضب المياه)، وكان في بداية تسعينيات القرن الماضي. لكن تم وأده ظهيرة، ولم يعط الفسح اللازم لنشره. ولا أعرف السبب. فقد جاء رفض عدم نشره يحمل عبارة: دون ذكر الأسباب.
n ثم جاء كتابي الثاني بعنوان: (الماء يبحث عن إدارة). وجاء الكتاب الثالث كمرجع العلمي، بعنوان: (التوسع في زراعة القمح والشعير والأعلاف خلال خطط التنمية الخمس الأولى (1970 – 1995م) وأثره على المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية). ثم كان كتابي الرابع بعنوان: (كيف نحول المطر إلى مخزون إستراتيجي؟ بناء المستحيل). ثم كان كتابي الخامس بعنوان: (إنقاذ المستقبل من العطش). ثم السادس بعنوان: (الماء وطن). ثم السابع بعنوان: (سد النهضة شرارة العطش والجفاف: فلسفة الصراع بين الحياة والموت على مياه نهر النيل). لم يتوقف جهدي عند هذا الحد، وأشعر بالفخر أمام كل متقاعس ومقصر، أن أذكر أن هناك الكتاب الثامن والكتاب التاسع عن المياه في طريقهما للإنجاز.
n هكذا وبكل فخر أحتفل باليوم العالمي للمياه لعام 2021م. احتفالي بدفاعي عن مياهنا الجوفية يعني التحفيز على تعظيم أهمية الماء والتذكير بخطورة ندرته وشحه. يجب ألا يكون استنزاف الماء مبررا لصرف الأموال، ولكن يجب أن يكون خطا أحمر نقف عنده احتراما، من أجل تعزيز استدامة حياة أجيالنا القادمة على هذه الأرض المباركة.
[email protected]