وكما سبق وأن قلت إنني لست مخولاً ولا مؤهلاً لكي أقيِّم مسيرة معلم وأستاذ الصحافة، ولكن بعد أن امتصصت الصدمة بوفاته وجف القبر الذي ضم جسده، تذكرت مواقف تعلمت منها من مدرستي الكبيرة مدرسة محمد الوعيل وسأسرد لكم جزءا يسيرا من هذه المواقف.
أولها: في السنوات الأولى من تسلمه مهام رئاسة التحرير كلفت من مدير التحرير «عبدالله العاصم» للاستطلاع حول خبر وصل للجريدة عن تجمع مواطنين أمام دائرة حكومية متذمرين من إجراء اتخذته الدائرة! توجهنا صباح ذاك اليوم الماطر أنا والمصور «مسفر الغامدي» وفعلاً وجدنا تجمعا كبيرا والمسؤول في وسطهم يحاول تبرير الإجراء الذي قامت به الدائرة، كتبنا وصورنا ووثقنا وفي اليوم التالي نشرت صفحة كاملة «مواطنون ومسؤولون في فناء الدائرة» على غير العادة استدعاني الرئيس أو كما كان يحب أن نناديه «أبو نايف»، وكما يحب أن يناديني دائماً ( البدوي الأنيق) شكرني كعادته يشكر كل من يقوم بعمل ولو كان بسيطاً، وقال لي: لماذا لا يكون عملك هذا صفحة أسبوعية تجمع المواطن بالمسؤول دون «بروتكولات» اجعل المكاتب والسكرتارية خلفكم فقط أنت والمسؤول والمواطن، قلت وكيف نجمع المواطنين «هذا صعب!» ولأن كل عقدة تجد لديه الحل قال «إعلان قبل المواجهة» وفعلاً خرجت سلسلة صفحات «المواجهة» لسبع سنوات، وكانت من أنجح صفحات الجريدة، ووجدت أصداء كبيرة وحاولت بعض الصحف نسخها ولكن بطريقتهم.
طلب مني يوماً النزول لمركز المعلومات بالجريدة وتقديم بيان بأسماء مسؤولي المنطقة الشرقية «المتقاعدين» وأرقام التواصل معهم ومنها انطلقت سلسلة (رجال تحت الشمس) والتي تشرفت بالإشراف عليها وعملها لسنوات.
موقف آخر: كتبت يوماً زاوية في حدث معين كان حديث الشارع آنذاك وعندما رآني قال «أنت مشروع كاتب قادم» وأذن لي بكتابة زاوية سمَّاها هو «ملح الكلام» واستمرت لسنوات!
كان يرحمه الله شعبوياً وطنياً مع المواطن البسيط دائماً ولكنه ليس ضد الوطن، أوضاني عندما أذن لي بكتابة الزاوية بكلمات كانت أمام عيني ودوي صداها في أذني حتى يومنا، هذا قال (انقد السلبيات بحب وليس بتشفٍّ فالرأي لك والوطن للجميع، وثق أن من أخطأ يعمل ومن يعمل فلا جريرة عليه)!
مواقف عديدة جمعتني بأستاذي وأخي أحياناً كثيرة محمد بن عبدالله الوعيل «ولكن هذا ما خطر لي أن أنقله» رحمه الله وغفر له وعفى عنه وأموات المسلمين أجمعين.
@sajdi9