الطائف درة الجبال وشذاها، ففي منطقتها من هداها إلى شفاها ومن واديها وحراتها تلك الورود التي عشقناها منذ الصغر، وتعطرنا بعطرها وتغسلنا بمائها وتنفست مأكولاتنا برائحة ذاك الورد الذي يضاهي أجمل وأبهي الورود في العالم، فهو يمتلك أجمل مقومات الجمال من خصال. وكيف لا أتغزل بورد الطائف فهي دعوه محب لعشيق وهي دعوه وطنية خاصة، ففي الطائف أكثر من 910 مزارع للورد تنتج 500 مليون وردة يعمل ويستثمر بها عدد لا يستهان به من مواطنين بقيمة مضافة للاقتصاد المحلي عالية. إلى أن خرجت علينا وسائل التواصل الاجتماعي بهاش تاق فاجأنا «#الورد_الطائفي في مكب النفايات» مما أثار حزننا على ما آلت إليه صناعة الورد الطائفي من فوائض زراعية وتدنٍ بالأسعار شديد في ظل شح الطلب. وربما أنها خير ولا نعلم أين الصالح ليسلط الضوء عليها ولتكون انطلاقة لما هو أفضل بإذن الله سبحانه وتعالى.
وحتى نستوضح الدواعي والأسباب يجب أن نطلع على التحديات التي تواجه صناعة الورد الطائفي، فمنذ سنوات ألغيت التراخيص لمعامل الورد الطائفي الصادرة من البلديات، وطلب من المزارعين استبدالها بتراخيص من وزارة التجارة والصناعة التي اشترطت نقل تلك المعامل إلى المناطق الصناعية وإلى أخذ موافقات من هيئة الغذاء والدواء قبل صدور الترخيص النهائي. تلك الإجراءات الجديدة أربكت قطاع الورد الطائفي لا سيما أن اشتراطات هيئة الغذاء والدواء جاءت غير متوافقة ومتطابقة مع هذه الصناعة الريفية من تقطير للنباتات ووضعتها في إطار صناعات مشابهة من حيث الغرض النهائي كالتجميل وكذلك الصناعات الغذائية. ولم تستثن هذه الصناعة أو تميزها أو على الأقل تتركها لحالها لعدم مواءمتها المتطلبات والاشتراطات الجديدة. وما استلزم عمليا للتماشي مع الأنظمة الجديدة استخراج أربع رخص صناعية جديدة منفصلة، الأمر الذي جاء مربكا لأصحاب هذه المعامل وغريبا من الإصرار على تطبيق ما لا يمكن بالفعل تطبيقه بخصوص صناعة التقطير من النباتات، كما مع الورد الطائفي. وأصدر حينها منتجو الورد الطائفي تراخيص صناعية مؤقتة غير نهائية، وظل الوضع على ما هو عليه بعد تحول ملف الصناعة إلى وزارة البترول، وإلى أخيرا وزارة متخصصة بالشأن الصناعي والتعدين التي قامت بوضع شروط جديدة تلك هي الأخرى.
وصناعة دهن الورد الطائفي صناعة ريفية زراعية نظيفة محضة غير ملوثة ولا تصلح إلا في مناطقها كما في كل دول العالم. فهي لا ترخص من هيئات الغذاء والدواء بكل دول العالم ولا يطلب موافقتها ويكتفى بطلب الامتثال فقط إلى شروطها الخاصة بالادعاءات والملصقات. كما لا يشترط بكافة دول العالم نقلها إلى المناطق الصناعية بسبب طبيعة هذه المزروعات الريفية الزراعية القابلة للتلف بسبب حساسيتها من زوال وتبخر لمادتها العطرية، مما يسبب ضعفا في الإنتاج ومن تكاليف إضافية غير مستردة عند بناء منشآت جديدة أو حتى من استئجارها. وضاعف كل هذه التحديات، قلة التصدير أو بالأصح منعه إن أخذنا بالاعتبار اشتراط عدم نقل الزيوت من قبل هيئة الطيران لشركات الشحن الجوي، ولم يستثن المستخلصات العطرية أو من أن يعاملها كمنتجات تجميل أسوة بكافة دول العالم. زاد إلى ذلك ضعف أعداد القادمين لأداء مناسك العمرة و الحج بشكل عام بسبب جائحة كورونا من قيود سفر، مما أثر على الطلب بشكل كبير فلم يستطع منتجو دهن الورد الطائفي بيع منتجاتهم من محصول العام السابق. وأتى موسم هذه السنة فخسرت أسعار الورد حوالي نسبة 300% من قيمته، واكتفى كبار المعامل بما لديهم من الورد ودهنه كما توقف بعضهم عن الإنتاج مما أدى بالنهاية إلى هلع أصحاب مزارع الورد الطائفي.
إن صناعة الورد الطائفي من الصناعات المهمة للاقتصاد، لا سيما أنها جزء من الرؤية لعام 2030 حيث خصصت لها ميزانيات ضخمة لرفع مستويات الإنتاج ليصبح منتجا عالميا ورافدا مهما للاقتصاد. والمتأمل إيجاد حلول لمثلها من تحديات مشتركة مع عدد من القطاعات ولتحقيق تلك الرؤية التجميلية. ونأمل ذات يوم أن نسمع أننا صدرنا دهن الورد الطائفي إلى باريس وإلى كافة أقطار العالم، ونجده يستعمل بكل صناعات التجميل العالمية ولانطلاقة كبرى بإذن الله سبحانه وتعالي لصناعة بيئية جميلة ونظيفة.
@SaudAlgosaibi