قبل الخوض في الاستدامة المالية لتنمية الموارد، التي يمكن تعريفها بأنها إيجاد موارد مالية دائمة للمؤسسة مع حسن إدارتها واستثمارها لتمويل أعمالها ونشاطاتها بما يحقق أهدافها الإنسانية، فلا بد من ذكر بعض الخطوات المهمة، التي ستكون أساسا يعتمد عليها في تنفيذ وسائل وخطط الموارد المالية، والأهداف التي سيتم تحقيقها من ضمنها تأسيس عمل مؤسسي ثابت، والاستعانة بذوي الخبرة والاختصاص للاستفادة من خبراتهم في وضع الأسس والمفاهيم والإستراتيجيات والخطط المستقبلية لاستدامة الموارد المالية، وتطوير قدرات فريقها معرفياً ومهارياً وإعداد خطة عمل تنفيذية تحقق الأهداف الإستراتيجية لتمكينهم من تحقيق استدامتها المالية من خلال إكسابهم مهارات تنمية الموارد، والعمل على تطوير وإنتاج المنتجات التسويقية وتمكينهم من منهجيات العمل المناسبة لتحقيق الفاعلية، والريادة في دعم البرامج والمشاريع التنموية الموجهة للفئات المستفيدة، والاستفادة من التسهيلات المتاحة.
تعتبر تنمية الموارد المالية من الأنشطة الأساسية المطلوبة لاستمرار أي مؤسسة، وذلك لتنفيذ برامجها الحالية، وتنفيذ خططها المستقبلية وتطويرها من برامج ومشاريع، وللأسف نجد أن كثيرا من المؤسسات تضع خططا طموحة لأعمالها الحالية والمستقبلية لكن عند التنفيذ تصادف عقبات -أكبرها عدم توافر الموارد المالية- تؤثر إيجابا أو سلبا على المؤسسة، فعادة عندما يكون هناك تقصير في جانب الموارد يبدأ الحديث عن الترشيد وكفاءة الإنفاق والتكاليف في أمور أساسية أو التردد في توفير مستلزمات لا يقوم العمل إلا عليها، فيسري الخلل في جوانب المؤسسة حتى يصل إلى درجة متردية في مستوى تقديم الخدمات وجودة المشاريع المنفذة؛ لهذا كان لزاماً تأسيس قاعدة ثابتة لتنمية الموارد مبنية على الاستفادة من الخبرات السابقة في مجال التبرعات والمشاريع الاستثمارية، وابتكار الأساليب الحديثة والاستفادة من التسهيلات المتاحة، ولا يمكن تحقيق الموارد المالية واستدامتها إلا من خلال تطوير الفكر المنهجي والعمل المؤسسي ضمن فريق العمل المشارك وإكسابهم المهارات والتدريب والمعرفة اللازمة، ووضع إستراتيجيات للموارد المالية، حيث لها أهمية كبرى على الإيفاء بخدماتها المقدمة إلى المستفيدين، وجذب الداعمين.
حيث تشكل قطاعات المجتمع المختلفة من الشركات ورجال الأعمال والأفراد مصادر خصبة لتمويل وتنمية الموارد المالية، وتضطلع أغلب تلك القطاعات بأدوار متفاوتة في دعم العمل الخيري، وتمويل برامجها وأنشطتها ومشاريعها.
وتهدف الاستدامة المالية إلى القدرة على الحفاظ على القدرة المالية للمؤسسة على مر الزمان والقدرة على تنميتها والحفاظ عليها باستقرار مالي، بالإضافة إلى القدرة على التكيف والتخطيط الإستراتيجي إذ اتسعت دائرتها كماً وكيفاً مما يحتم توفير الموارد المالية المستقرة، وتتنوع أساليب التنمية من أساليب تقليدية نمطية إلى أساليب تمويل مبتكرة تواكب أنماط الحياة الحديثة، ومن الأدوات غير المالية حجم وعمق اندماج المنظمة إعلامياً، فكلما تشعبت جذور المنظمة في المجتمع كانت أكثر قدرة على بناء قاعدة دعم عريضة وثابتة في صورة متبرعين داعمين.
والوصول إلى الاستدامة المالية طريق طويل إذ إن له بعدا تشغيليا يتغلغل في الأعمال اليومية للمنظمة، وآخر إستراتيجيا يلتصق بالأهداف البعيدة، ويتطلب أن تكون للمنظمة خطة مالية تعمل بالتوازي مع الخطة الإستراتيجية، وأن تظهر المؤسسة مستوى مرتفعا من الاهتمام والالتزام، وأن تتجاوز الأساليب التقليدية في التسويق وجمع التبرعات.
الاستدامة المالية لا تعني إطلاقاً الاكتفاء الذاتي، فالمنظمة الخيرية شجرة يأكل ثمارها المحتاجون ويروي جذورها المتبرعون، وحاجة المتبرعين لا تقل عن حاجة المحتاجين إليها! جعل الله في ميزان أعمالهم.