الجهود المستديمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، والحرص على دعم الأسس الضامنة لتحقيق هذا المفهوم من خلال دورها القيادي مع بقية دول المنطقة، هو نهج تاريخي راسخ في سياسات وإستراتيجيات الدولة منذ مراحل التأسيس وحتى هذا العهد الزاهر.
حين نمعن في إعلان أنه تلبية لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وصل إلى الرياض دولة السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء في جمهورية العراق في زيارة رسمية للمملكة، وأنه كان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- في مقدمة مستقبلي دولته لدى وصوله مطار الملك خالد الدولي، فهذه الزيارة تأتي حاملة للكثير من الدلائل التي تلتقي مع المشهد الشامل للمعطيات الآنفة الذكر، حيث تعكس حرص قيادة الدولة على وحدة الشعب العراقي الشقيق، وعلى التعاون مع الحكومة العراقية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بما يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، ولعل أحد أبرز الأطر التي تستنبط من هذه الزيارة وتجعلها ذات محل تقدير بالغ من لدن المملكة كون الزيارة تأتي كدلالة أخرى على إيمان الحكومة العراقية بأهمية العمق العربي والإسلامي والثقل الكبير الذي تمثله المملكة.
كما أنها تعكس الأبعاد العميقة للتعاون التاريخي بين البلدين الشقيقين من خلال شراكتهما في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وكذلك في مجموعة (أوبك بلس)، من أجل استقرار أسواق النفط، كذلك دعم المملكة لجهود العراق في التصدي للتطرف ومكافحة الإرهاب، وتأكيد الدولة على ضرورة احترام سيادة العراق ووحدة أراضيه ووقف التدخلات الخارجية، وتعمل من هذا المنطلق على تقوية العلاقات الثنائية في جميع المجالات.
فهذه المعطيات الآنفة تأتي كمنصة تنطلق منها علاقة المملكة والعراق، وكذلك الإستراتيجيات السعودية في سبيل الحفاظ على مفاصل الاتزان والأمن والاستقرار الإقليمي، والتي تمتد آفاقها دوليا عطفا على قوة وقدرة المملكة وأدوارها الرائدة والقيادية في المجتمع الدولي.