وفي يوم من الأيام، وهي تتصفح بعض تطبيقات (التواصل الاجتماعي)، وقعت عيناها على إعلان يبشر من أرهقتها تجاعيد الزمن أن تعود صبية في العشرين، فالدكتور (نزار) سيكون زائرا للمملكة في رحلة لن تستغرق أكثر من أسبوعين، ذلك التجميلي الذي وصلت شهرته أصقاع الأرض، فعارضات أزياء (باريس) يتجملنّ لديه، وممثلات (هوليوود) يحقنّ البوتكس لديه، فاشينيستات (العالم العربي) يغيرنّ ملامحهنّ لديه... فيا لصدفة القدر، التي أطاحت بصاحبتنا في هذا الإعلان، الذي أتى في وقته.
لم تتمالك (ناريمان) أعصابها، فتواصلت مع العيادة المعلنة لتحجز موعدا مبدئيا للكشف لتعرف ما تحتاجه من عمليات شد ونحت وتجميل، ذهبت في يوم الكشف وهي تتخيل حالها بعد وصول الدكتور الشهير، وكيف ستفاجئ زوجها الحبيب بجمال شريكته، التي عرفها منذ 20 عاما.
جلست مع (الاخصائية) التي ستحدد لها احتياجاتها، فخرجت بقائمة طويلة من العمليات الصغرى حتى الكبرى لتعود لسابق عهدها فـ(الليدي) يجب أن تبقى ليدي لآخر يوم في حياتها، تجردت ناريمان من كل مشاعر الخوف والرهبة مصممة على أن تصنع التغيير وتعود بجسدها للعهد السابق فلا مناص من ذلك.
تكتمت صاحبتنا على الموضوع، لأنها تعي تماما أن زوجها سيعارض الموضوع جملة وتفصيلا، أخبرته قبيل أيام من الموعد المحدد للعملية الكبرى، بأنها ستسافر بعد أيام لعمل دراسة لتصاميم أحد العملاء في منطقة أخرى، وهذا ما اعتاد عليه زوجها فشهرتها في المملكة كبيرة وواضحة، وأتى اليوم الموعود، يوم العملية التي ستعود من خلالها الشابة التي لطالما حلمت بخلود شبابها، توكلت على الله وأدخلت غرفة العمليات.
ما لم يذكره لها الدكتور، أو لربما ذكره على عجالة أن هذا النوع من العمليات له مضاعفات خطيرة تؤدي في بعض الحالات (وإن كانت قليلة نسبيا) إلى الوفاة... عمل جهده الجهيد أن تكون ناريمان أيقونة عمله التجميلي والوجه الإعلاني لصناعته (البلاستيكية)، خرجت من غرفة العمليات كـ(المومياء) ملفوفة بقماش وشاش من رأسها إلى أخمص قدميها، مر اليوم الأول في المستشفى بسلام، وفي اليوم الثاني حصلت المفاجأة... قلبها توقف عن النبض.
توفيت ناريمان بسبب مضاعفات ما بعد العملية، ولن أسرد ما حدث في بيتها بعد خبر وفاتها، فأنتم تعرفون البقية... نعم العمليات التجميلية الطبية مطلب لحياة الإنسان، ولكن الاعتقاد بالمثالية والشباب الخالد، فهي أضغاث أحلام كائن مصيره الفناء، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، فشتان بين خلق الله وخلق عبدالله... (مقالي هذا من خيالي، لكنه يمت للواقع بصلة).
@hkhamoud