وأسباب التطرف الفكري متعددة، وتتمحور أسبابه حول تجميد أو تعطيل إحدى وظائف العقل وذلك بحصر المعلومة -على سبيل المثال- وتقديسها ورفض ما يخالفها دون بحث وتمحيص. وأسلوب التلقين التقليدي هو أحد الأساليب المخدرة للعقل. وكذلك، استبدال الخطاب العقلي بالخطاب العاطفي كان له دور في تقليص حجم المعارف والعلوم التي من المفترض أن تكون الغذاء الصحي للعقل، بعيدا عن العاطفة.
والمتطرف -عادة- لا يسمع إلا صوت معلمه ولا يرى العالم إلا من زاوية واحدة تزيد حدتها كلما اتسعت زوايا العلوم والمعارف من حوله. والفكر المتطرف -عادة- يبنى على قاعدة (الأنا) فالأنانية تتمثل بحصر التاريخ بمعارفه وعلومه وتأويل بعضها ليخدم مصالح التطرف والمتطرفين. ومع الأسف، فإن بعض الشعوب والمجتمعات على مر التاريخ كانت ضحايا لهذا الفكر والذي تمثل في تشكيل جماعات ومنظمات تحارب من يخالفها للوصول إلى مصالح دنيوية مغلفة بالغلاف الديني أو الاجتماعي أو السياسي وغيرها. في المقابل وبفضل من الله تعالى، فإن قيادتنا تنبهت ونبهت شعبها بخطورة التطرف على جميع الأصعدة. واتبعت منهج الوسطية في كيفية سن القوانين وتنظيمها بما يقتضيه كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. ودور القيادات العليا في هذا الوطن والإدارات المسؤولة بنشر الوعي ومحاربة الجهل، كان واضحا في تعزيز المنهج الوسطي وذلك بدعم المؤسسات واللجان التي سخرت جهودها في محاربة الفساد بأنواعه.
وأخيرا، فإن جهود مملكتنا -أيضا- في فتح مراكز الحوار وتكثيف المعارف والعلوم التربوية والتعليمية أنتجت لنا حتى الآن عقولا بدأت بالبحث والمقارنات التي تساعد العقل على زيادة نسبة الوعي المعرفي والعلمي. فالتطرف بأنواعه مشكلة عالمية دمرت ما عمره البشر في السابق، ولأننا جزء مؤثر في هذا العالم فمن الجميل أن نساهم في نشر وتفعيل هذا المنهج لأطفالنا مستقبلا.
FofKEDL@