وأضاف الرجل قائلا: «إن الحبوب المخدرة كانت مخبأة بطريقة فنية، داخل تجاويف الفراء، بحيث جرى إخفاء حبوب الكبتاجون داخلها، ومن ثم تَمَّت إعادة حياكتها».
وبين الرجل أنَّه «بعد إحباط محاولة التهريب تمت عملية التنسيق مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات لضبط مستقبلي الكمية داخل المملكة، وبفضل من الله تم ضبطهم، وعددهم شخصان. وأكد الرجل أن الجمارك ماضية في إحكام الرقابة الجمركية على جميع الواردات، والصادرات، والمسافرين، ومكافحة التهريب بجميع أشكاله. مشيرا إلى إحباط الجمارك منذ أبريل 2020م -أي قبل عام تقريبا- أكثر من اثني عشر مليونا ونصف المليون حبة مشحونة من ذات الميناء».
استوقفني هذا الخبر، وملأتني التفاصيل بالصدمة، ولعل أخطر ما ورد في الخبر من وجهة نظري فقرتان، الأولى تأكيد شخص مسئول، وتصريح جهة رسمية أن موانئ المملكة وربما كان المقصود ميناء جدة الإسلامي تعامل مع حالة تهريب للحبوب المخدرة على مدار العام المنصرم بمعدل مليون حبة وبضع مئات من الآلاف، كل شهر! الأمر الآخر الذي صدمني وربما حرك في الرغبة للكتابة حول هذه العملية أن كل هذه الكميات، وطوال هذه المدة الزمنية القصيرة كانت قادمة من جهة واحدة، من ميناء اسكندرون من الجمهورية التركية. ولمن أراد أن يعرف لماذا استوقفتني هاتان المعلومتان دون غيرهما رغم أن الخبر كله يضج بالصدمة فأقول، أنني كممارس لتحليل العلاقات السياسية الدولية استحضرت، أول ما استحضرت، طبيعة العلاقات السعودية - التركية، في الوقت الحالي، وفكرت فيها جزئيا كيف يمكن أن تكون في المستقبل، انطلاقا من هذا الأسلوب المتكرر، والذي تتعمد فيه الإساءة للمملكة العربية السعودية، الدولة، والأرض، والناس. بدون تمييز. وتأكد لي - وهذا ليس بخاف على أحد- أن العلاقات الثنائية ليست في أحسن حالاتها، ولكنها لا تعني، ولا يتخيل أن تصل إلى هذا الحد من الاستهداف من قبل الجانب التركي. قد يقول قائل إنَّ علاقات الدول لا تستقر غالبا على وتيرة واحدة، وإنما هي بين تبدل، وتحول، وهذا قول فيه كثير من الصحة، ولكن لا أتخيل بوصفي مراقبا في هذا الميدان أن تصل حالة الاستهداف، المقصودة، والمركزة، والموجهة إلى هذا الحد. البعض قد ينافحون بالقول إنَّ هذه أعمال تهريب، ويقوم بها تجار، أو عصابات دولية، وليس الحكومة التركية، وهذا قول صحيح في مجمله، ولكن تفصيله يحتاج إلى كثير من التوضيح، والبيان، خاصة وأنَّ المخدرات جريمة دولية وخروجها من بلد يعد عملا مخالفا للقانون، وعبورها ببلد أيضا مخالف للقانون، واستهداف بلد ما بها عبر تكرار توجيهها إليه قد يفسر في بعض الحالات، على أنه حالة من حالات الحرب غير المعلنة.
لن أقبل أي قول يذهب إلى أنَّه أخذني الحماس للدفاع عن بلدي وشبابها ضد آفة المخدرات، ومع ذلك أدعو الجميع لتفحص الخبر، والتدقيق في كلمات المسئولين المباشرين، سيجدون كما وجدت أنَّها حرب من الدول، ومن عصابات المخدرات، ومن التجار الذين يهمهم الكسب المادي فقط، دون النظر لخطورة الأفعال التي يقومون بها لتدمير البلدان وهدم قوتها البشرية. بعض أهل السياسة في دول العالم يفهمون السياسية بأنها لعبة كبيرة، يجوز فيها أحيانا استخدام المحرمات، وأعني هنا بالمحرمات القانونية، والأخلاقية، والسياسية، والله المستعان.
@salemalyami