ويؤكد الكاتب ديفيد بالداتشي أنه عندما تأخذ الجمل والقصة في التدفق، تكون الكتابة أفضل من أي مخدر، فهي لا تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك وحسب، بل تشعرك بالرضا عن كل شيء.
هذه الإجابة ترجمتها السعودية هند الدخيل الله لسؤال «لماذا أكتب؟» الموجه للكاتب نفسه الذي صدق في وصفه لـ «قهرية» الكتابة وأنها تجعلك تشعر بالرضا عن كل شيء عندما تتدفق الجمل والقصة.
في الكتاب اختلط الأمر على بعض الروائيين والقصاصين، فبدلا من أن يجيبوا عن سؤال اللماذا، جنحوا إلى الكيف وبدأوا بشرح طقوسهم في الكتابة.
هذه كاثرين هاريسون تؤكد على ذلك بل إنها كتبت عنوانا فرعيا هو «كيف أكتب؟»: «يمكن للكتابة أن تجعلني مضطربة بشدة. حتى أنني كسرت ضرسي مرة بينما كنت أعمل».
الترجمات السعودية تتواصل في الكتاب فهذه ريوف خالد تترجم نفس السؤال لجينيفر إيغان التي أجابت بقولها: «حين أكتب، خاصة إذا كان سير الكتابة جيدا، فأنا أعيش في بعدين مختلفين: هذا العالم الذي أعيش فيه الآن وأستمتع به كثيرا، والعالم المختلف كليا الذي أقيم فيه دون أن يعرف به أحد».
الكتاب فيه ستة مترجمين سعوديين، وهم أحمد العلي، وأسماء الدوسري، وريوف خالد العتيبي، وغيد الجارالله، وهند الدخيل الله، وهيفاء القحطاني ما يؤكد قوة ومواهب المترجمين والمترجمات السعوديين والسعوديات.
كما أن جينيفر ركزت على (سير) الكتابة أي (التدفق) فيها وهي مرحلة إذا وصل إليها الكاتب يكون قادرا على المضي بسلاسة وتحقيق الإبداع، وهو ما يصبو إليه الكتاب والروائيون والشعراء الحريصون على نجاح كتاباتهم.
ومن ضمن الترجمات السعودية في كتاب «لماذا نكتب» ترجمة لأحمد العلي الذي ترجم لجيمس فيري عن نفس السؤال قائلا: لست مؤهلا لفعل أي شئ آخر. في هذه المرحلة، الكتابة جزء من حياتي، إلى حد أنني لا أستطيع ألا أكتب. إذا لم أكتب سأجن.
وبصراحة لدي عائلة وبحاجة إلى النقود، حين كنت طفلا صغيرا، أحببت الضياع في الكتب. لم أفكر في أن أكون كاتبا حتى صار عمري واحدا وعشرين وقرأت رواية (مدار السرطان).
الكتاب يتجول بك مع الكتابة بالاختفاء كما يقول جيمس فيري نفسه والسيطرة المطلقة على الكتابة ولن يجري شيء على الورقة ما دمت لم أضعه هناك وهو عكس أسلوب إيزابيل الليندي وجابرييل جارسيا ماركيز اللذين ذكرناهما في الجزء الأول من المقال.
أما هند الدخيل الله فقد ترجمت إجابة سؤال (لماذا أكتب؟) لسارا غزوين بقولها: الشيء الوحيد الذي يدفعني للجنون أكثر من الكتابة، هو عدم الجنون.
ها هو الجنون يطل برأسه من جديد، وفي الكتاب يؤكد كتاب أنهم سيصابون بالجنون من الكتابة نفسها، وآخرون من عدم الكتابة وفئة ثانية من عدم الجنون.
الكتاب يجوب في أعماق الروائيين والكتاب ويرشدنا إلى «لماذا يكتبون» ولماذا لم يصابوا بالجنون!!!
نهاية
الأعماق سر المضي في حياة الناس.
Karimalfaleh@