يعتبر كل منا مغناطيسا بشريا يجذب لتجربته في الحياة ما يوافقها من أفكار ومشاعر وارتباطات إنسانية، أو يطرد منها ما لا يوافقه، ويكشف لنا القانون الكوني للإشعاع والجاذبية أن الحياة تعاش من الداخل إلى الخارج، فأيًا كانت صورة الحياة التي تنشدها، فلن تتجلى وتتحقق إلا إذا أحسست بأعمق مشاعرك الداخلية أنك جدير بها وتستحقها، لأن التوجه النفسي والعقلي هو الإشعاع الشخصي، الذي يمنح الآخرين منظورا وفهما لكينونتك، ولما تستطيع أن تحققه، وإلى أين يمكنك أن تصل، فهو نوع من الرسالة الإشعاعية، التي تترجم شخصيتك لمَنْ حولك، وتعمل كأداة تواصل أو مرآة تعكس أفكارك ومشاعرك على العالم لحظة بلحظة، وبناءً على ما ترسل للعالم والآخرين من حولك يستجيبون لك بنفس الارتداد، ولهذا فإن توجهك الداخلي يمكن استخدامه بفعالية لجذب كل ما ترغب به من أشخاص وأشياء وظروف مواتية إلى تجربتك الحياتية، فإذا أردت من المحيطين أن يكونوا ودودين ودمثين معك، وأسخياء في تعاملاتهم، فعليك أن تبدي تلك الخصال في توجهك نحوهم، ولكي تستخدم ذلك التوجه بكفاءة وفعالية، فعليك أن تتعرف على المكونين الأساسيين له، وأن تجتهد حتى يتساوى العرض والاستقبال لصورتك الذاتية، فما تعرضه على العالم من حولك من تواصل عبر توجهك الداخلي له جانبان، أحدهما هو الأفكار والصور، التي تدور على شاشة ذهنك، والثانية هي المشاعر التي ترافق استعراضك لها، فعلى سبيل المثال قد تلتقي بزميل عمل جديد يحاول إبهارك ونيل إعجابك بعرض اقتراحاته لتطوير العمل، ولسبب غير مفهوم ينتابك شعور بعدم الارتياح له، فتبدأ بطرح بعض الأسئلة المستقصية، مفتشا عن جوانب القصور أو عدم الانسجام، وقد يكون تفسير ما حدث أن الأفكار، التي عرضها هذا الشخص غير منسجمة مع توجهات مشاعره، ولهذا فقد كان إرساله نحوك مشوشا، وعندما يكون إشعاع التوجه، الذي يتم إرساله صافيا تماما، سيتم استقباله فورا كالمغناطيس وسيجذب كل الأحداث المرجوة من المواقف والأشخاص، فلو تحلى هذا الزميل بشعور مختلف حيال الأفكار، التي يطرحها لكانت استجابتك مختلفة، وستكون أول مَنْ يقدم الدعم والمساندة، ولهذا فإذا شعرت بأن أغلب الأشخاص يبدون وكأنهم يسيئون فهمك أو فهم نواياك في أغلب الوقت، فقد يكون هذا نتيجة الصراع بين الأفكار والمشاعر، التي تعرضها من خلال توجهك النفسي والعقلي، وليست هناك وصفة سهلة التنفيذ للتوصل إلى عملية بسيطة لعرض واستقبال التوجه الخاص بالمرء، لأن الطريقة التي يستقبل بها الآخر توجهك هي مزيج مما تطرحه عليهم من أفكار ومشاعر، بالإضافة إلى دور الحالة الإدراكية للمستقبل أي الطرف الآخر، ففي بعض الأحيان قد تكون هناك إساءة فهم بين ما تعتقد أنك تطرحه وما يستقبله منك الآخرون، مما يقودك لسؤال يطرحه غالب الناس على أنفسهم «لماذا يعاملونني هكذا رغم كوني كنت لطيفا معهم؟»، وعندما يحدث هذا فلا بد أن تراجع مستوى التناغم بين أفكارك ومشاعرك الداخلية، وألا تغفل عن دور مستوى الوعي للشخص، الذي تتعامل معه، وتتحلى بالانفتاح للتعرف على منظوره المختلف، وتأكد أن نواياك الصافية للتعايش الإيجابي ستثمر حصادا طيبا في المحصلة النهائية.
LamaAlghalayini@