الحقيقة أنا أجيب كغيري «مهندس، ضابط، طبيب» وفي قرارة نفسي أتمنى أن أكون «سائق شاحنة»!
نعم سائق شاحنة، لماذا اختيار هذه المهنة سأقول لكم "في حينا حي الشرقية في الطائف كان ثلاثة من الجيران يملكون شاحنات ويغيبون بالأسابيع والأيام لظروف عملهم في نقل البضائع، كان عملا مبهرا بالنسبة لي، وكنت أراقبهم ويسعدني مشاركتهم عندما يبدؤون في تجهيز الشاحنة وتنظيفها وتغيير زيوتها وأخذ أدوات الطهي والقهوة في صندوق أسفل الشاحنة، يطربني صوت المكينة عندما يشغلها وأصوات الأبواق وتبهرني أنوارها وأتمنى أكون كالقائد الفذ الشجاع لكتلة الحديد العجيبة.
ولأن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن «فلم أكن لا طبيبا ولا ضابطا ولا مهندسا ولا حتى سائق شاحنة» ورأيت نفسي كاتبا بسيطا في صحيفة عريقة لثلاثة عقود..
ما أردت الوصول إليه هو أن هُناك آباء يريدون من أبنائهم أن يكونوا نسخة منهم فالعسكري يريده عسكرياً وبنفس القطاع والمساح يجهزه ليكون معه في نفس الدائرة وهكذا.
قتلنا الإبداع في أبنائنا وتكسرت هواياتهم على صخور النرجسية، والصحيح إذا رأيت في ابنك ميولا فحاول صقل ميوله وتشجيعه في الجامعة، لا تختر له التخصص الذي تريد ليبدع في عمله، إذا رأيت فيه حبا لإصلاح الآلات أو عشقا للنجارة أو روعة في الرسم أو الرياضة بمختلف ألعابها، فلا تترك هذه الموهبة «فالمواهب مفتاح السعادة» تشبعنا بمهندسين وأطباء عاطلين ومدرسين يبحثون عن عمل، التوجه الآن للعالم التقني للصناعة والابتكار اترك الأبواب مفتوحة أمام ناظريه ولا تدفعه لباب لا يريد الولوج معه. وستجني ثمار التربية وستشاهد ابنك على خير حال مهما كانت مهنته شاقة. شارك ابنك في نقاش أسبوعي فلعلك تغير مساره الخاطئ.
تحويلة:
هُناك أشياء جميلة في حياة كل شخص ومواهب رسمتها الأقدار وأشخاص عقلاء فشاركهم في عقولهم. فبعد نهاية المرحلة الثانوية أنت بحاجة لكُل هؤلاء.
والله المستعان.
@sajdi9