لعل اهتمامي بالشعر والتواصل مع التجارب الشعرية الجيدة بالعالم، من خلال القراءة والمشاركة بمهرجانات الشعر، فتح أمامي الكثير من الآفاق المتعلقة بالشعر والإنسان، وكما أن اهتمامي بالشعر تحديدًا لا يتعارض مع اطلاعي المستمر على كافة الأشكال الإبداعية الأخرى، ولا أحب أن أظل بمنأى عن الحراك الأدبي وما ينتج عنه من إصدارات أدبية متنوعة، لكن يظل الشعر هو أكثر ما أحرص على قراءته بشكل مستمر.
■ كيف استقبلت الفوز بجائزة «الأيقونة العالمية 2020»؟
سعدت بها بكل تأكيد، لأن الذين رشحوا اسمي لها كانوا شعراء ونقادًا ومهتمين بالشعر، كما أنها تحتفي بدور الشاعر المجتمعي والإنساني من خلال مشاركاته وحضور صوته الشعري في العالم.
■ قال عنك الشاعر عبدالعزيز المقالح «كما ينفتح قلب الوردة على العبير ينفتح وجدان علي الحازمي على الشعر».. كيف تقرأ هذه العبارة؟
د. عبدالعزيز المقالح هو أحد أهم الأسماء الشعرية الرائدة في الوطن العربي، وعبارته هذه أسعدتني بلا شك، كما أنها تستحق أن تُقرأ كجملة شعرية خالصة أكثر من كونها عبارة من كتابة له على الغلاف الخلفي لديواني «الغزالة تشرب صورتها».
■ هل ترى أن الأدب ما زال قادرًا على أن يكون جسرًا بين الثقافات؟
بكل تأكيد، هذا هو الدور الذي يجب على الأدب أن يؤديه، لأنه في المحصّلة معنيّ بإيصال نبض الشعوب إلى الضفاف الأخرى من العالم من خلال الترجمة، كما أن الشعر تحديدًا قادر أكثر من غيره على نقل وتصوير ما يشعر به الإنسان بأسرع وأقل مساحة كتابية ممكنة.
■ كيف تختار أسلوب كتابة القصيدة؟
أكتب قصيدتي بشكل مستقل، وأشتغل على بنائها ككيان قائم بذاته، ومع مرور الوقت وتقدم التجربة يصبح الشاعر في مواجهة ناقد ذاتي ينبع من داخله، ويُطل برأسه من وقت لآخر أثناء الكتابة الشعرية، لكنني في المجمل أحرص على أن يأخذ النص الشعري وقته الكافي أثناء الكتابة والتعديل، حتى أشعر بأنه أصبح قادرًا على الاعتماد على نفسه، عندها يكون جاهزًا للنشر.
■ هل القصائد التي فزت بها تخاطب الغرب أم القارئ العربي؟
لم أكتب قصيدة خاصة لمناسبة معينة أو موجهة لفئة ضيقة من البشر، بل أكتب قصائدي عادة لكل الناس، كما أن قصائدي خاضعة لنظرتي الخاصة للكون والعالم، فالشعر متجرد تمامًا من كل القيود، ويوجه لكل البشر في كل زمان ومكان.
■ إلى أي مدى تبلغ فاعلية العنوان في إثارة القراء؟
الأمر لا يتعلق بإثارة القارئ بقدر ما يتعلق بالقصيدة نفسها، فأهمية العنوان تنبع من كونه العتبة الأولى لدخول النص، ما يضاعف من أهميته، لذلك يستحق أن يوليه الشاعر الكثير من الاهتمام والعناية.
■ كيف ترى العلاقة بين الذات الشاعرة والنص المكتوب؟
هناك علاقة قوية ومهمة بينهما بالتأكيد، لكن في الوقت نفسه لا يمكن قياس مدى التفاعل بينهما، فالشاعر يكتفي بالمحاولة، فيصغي من خلال قصيدته لذلك الهتاف القادم من أقاصي الروح، ويعمل على كتابته والتعبير عنه، لذلك قد يكون النص بصيغته النهائية وثيقة لوجدان كاتبه.
■ هل تمتزج حياتك بقصائدك؟
دائمًا ما أتعاطف مع أوجاع وخيبات الآخرين، وأحب أن أكتب عنها، وهذا لا يعني أنني لا أكتب عن ذاتي في كثير من الأحيان، فعلى الشاعر أن يقف في المكانين في الوقت نفسه، ويستطيع القارئ من خلال قراءة قصائدي أن يلاحظ أنني في الغالب أكتب عن مواقف إنسانية وأُعيد صياغتها شعريًا، وقد نشترك جميعًا في مثل هذه المواقف، لكنني أشعر برغبة عميقة وملحّة في الاستجابة لهتافها.
■ كيف تعبّر دواوينك عن تأثير الزمن في محطاتك الشعرية؟
سأدع الإجابة بشكلها الدقيق للنقاد والمهتمين بالشعر، لكن من المؤكد أن للزمن تأثيرًا كبيرًا في تجربة الشاعر، وبين مجموعتي الشعرية الأولى «بوابة للجسد» والأخيرة «الآن في الماضي» ثلاثة عقود من الزمن، عبرت فيها الكثير من الأحداث على المستوى الشخصي والإبداعي، كما أن نظرتي للشعر هي الأخرى تتغيّر مع مرور الوقت، فالزمن أيضًا قادر على ترويض النص الشعري، تصفو النظرة للعالم فينعكس هذا الصفاء على النص الشعري الذي نكتبه بكل تأكيد.
■ ما الأثر الذي تؤديه رمزية الصورة الشعرية على توجهات المتلقي؟
الصورة الشعرية هي أهم الأدوات في تشييد معمار القصيدة، فهي الأثر العميق الذي تتركه القصيدة في وجدان المتلقي، فيفرغ من قراءة القصيدة لكن الصورة تظل عالقة في ذهنه عصية على المحو والنسيان، لذلك فإن أغلب القصائد التي ظلت خالدة في ذاكرتنا، ارتبط خلودها بذلك المتخيّل الذي تكوّن لدينا عنها كصورة، فالصورة تظل خالدة في أرواحنا للأبد، وحتى على مستوى ترجمة الشعر، تستطيع القصيدة الحفاظ على جوهرها متى حافظت على نصاعة الصور فيها، لذلك فلا يتأثر وصولها لمتلقٍ آخر، حتى وإن ترجمت للغات عدة.
■ إلى أي درجة تمثل «الحداثة» أهمية بالنسبة للشعر؟
الحداثة ليست خيارًا يمكن لنا تحاشيه أو تجنّبه، فالعالم أصبح اليوم قرية كونية صغيرة، لا يمكن للشاعر أن يكون بمعزل عنها، وهذه الثورة في شتى مناحي الحياة، ويُفترض أن تلقي بظلالها على الشعر من حيث نظرتنا له، ومن حيث موضوعاته وطرق تعاطينا معها.
■ كنت محل اهتمام الصحافة الأجنبية، فكيف يختصر الشعر مسافات كثيرة لنقل ثقافات الشعوب؟
الشعر قادر على أن يمد جسورًا غير مرئية بين كل شعوب الأرض، إنه ضمير العالم ودمه الذي يتدفق في الوريد، نستطيع من خلاله التعرف على أحلام وآلام الآخرين في الضفاف البعيدة من العالم، لذلك يجب على المؤسسات الثقافية الرسمية في البلدان العربية أن تولي مشاريع الترجمة عنايتها الفائقة للحاق بركب العالم أدبيًا.