فجأة شعرت بأن هناك مَنْ يسحب طرف غطاء شعري تنحنحت وسميت بصوت مبحوح، قوة الجذب اشتدت قليلا «هل أتهيأ؟» اتسعت عيني ومقاطع المسلسلات توافدت من ذاكرتي، رددت «أعوذ بكلمات الله التامة من» في هذه اللحظة قاطعني صوت مواء قط، فكان مواؤه في لحظة رعب كزئير، قفزت بكل قوتي مبتعدة عمن كان يسحب طرف غطائي والتفت بكل جرأة مرددة «إن كنت جنيا فانصرف»، فإذ بغصن شجرة نهايته ذكرتني بحرف اللام كان المتهم، وبدا لي كأنه يبتسم فقد بث الرعب في هواجسي وظفر بلحظة انتصار.
صعدت السيارة مبتسمة أقاوم ضحكاتي، فقد أحكم الهواء وطرف الغصن مقلبا من مقالب الذعر للحظات، في السيارة تساءلت: لماذا نخاف الغيبيات؟ لماذا بعضنا يخاف أن تمتد يده لأخذ الماء من ثلاجة بعد أن أودع الريالات؟ لماذا تشدنا تلك العوالم رغم خوفنا الشديد؟ لماذا يئد البعض حاضره خوفا من المستقبل رغم أنه يتحرق ليعيش يوما جديدا؟
قطعت تساؤلاتي إشارة حمراء واسترسلت بعد لحظات مع الخضراء، ألأننا نعلم أن العوالم الخفية لها قوة جبارة وننسى أنها بأمر الله ملكت لسليمان -عليه السلام-، أنفزع من كل تجويف مظلم لأن أذهاننا ربطت بينها وبين مغارات الأفاعي بطريقة ما، أنخاف المستقبل لأننا نخشى أن يطرأ على نمطيتنا شيء جديد؟
تساؤلات كثيرة دارت في ذهني وتوصلت خلالها لجواب أعتقد أنه صحيح نحن في الحياة خامات تصنع بالمواد، التي تسقى بها أو بالأحداث، التي تمر عليها فعندما كنا صغارا مثلا أحببنا جني المصباح، الذي يلبي الطلبات وانقلبت المعادلة ونحن كبار، كنا نعشق لعبة الظلام، بل ونبحث فيه عن الأشخاص الآن ضوء الشمعة قد لا يكسر هيبة الظلام، كنا نتحرق للمستقبل وعندما كبرنا نسينا ذاك الشعور الجميل بالترقب.
وصلت لمنزل أمي، فتحت باب المدخل المشغول بنقوش متداخلة ترافقني طفولتي، خطوت خطوات متتابعة أدرت مقبض الباب الداخلي، أفزعني دوي انصفاق الباب المشغول، فاجتزت الصالات والسلالم مقهقهة أردد في نفسي لا مزيدا من تلك المسلسلات.
ALAmoudiSheika@