وعلى النقيض، فإن بعض الجهلاء -مع الأسف- تكشف لنا مشاركاتهم وأطروحاتهم في المجالس الإثرائية باختلاف وسائلها عن مستوى جهلهم في بعض المواضيع من حماقة أساليبهم وبذاءة مفرداتهم. لا عيب في أن نجهل بعض الأمور، ولا عيب في الاعتراف بجهلنا. ولكن، من العيب أن يصر الإنسان على جهله ويدافع عنه بأسلوب أرعن وكلمات مشوهة خاصة فيما يتعلق بالنقد أو التصحيح.
الاطلاع يختلف عن الدراسة والتعلم، والقراءة تختلف عن الاستماع أو الإنصات، فلكل طريقة ولها جمهور ومصادر وتتفاوت نتائجها بناء على تفاوت مستوى الوعي بشكل عام. على سبيل المثال، أن تكون مطلعا على المجال الاقتصادي أو السياسي لا يعني أن تكون عالما وملما بالتفاصيل. ونقيس على ذلك، ما يتحدث به الجاهل أو يجادل به في المجالات الأخرى والتي تعلم طلابها واجتهدوا في دراستها وتطويرها لينهضوا من خلالها بأنفسهم ومجتمعاتهم وأوطانهم.
شخصيا، رأيت من خلال برامج التواصل الاجتماعي شخصيات متعددة تطرح مواضيعها دون قاعدة معرفية أو علمية والتي يعتقد أصحابها بأنهم مؤثرون بطريقة أو بأخرى. فوجود هؤلاء وقنواتهم التي تطرح المهازل الفكرية والعلمية والدينية وغيرها دون مصادر موثوقة، يشكل تواجدهم خطرا على من لم يتمكن من تحصين عقله وعاطفته بالشكل الصحيح. والوعي حاجة العقل للاستمرار في استجابته لما هو نافع وصده لما هو ضار.
وأخيرا، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تكشف لنا عن الوجه الحقيقي والأقنعة المزيفة وتفضح لنا عن سطحية بعض الجهلاء وحماقة تعاملهم وحججهم الباطلة. ومن واجبنا أن نؤسس قواعد فكرية واجتماعية ووطنية وإنسانية سليمة تستند عليها الأجيال القادمة. فالمستقبل امتداد لمجد أجدادنا وحاضرنا حلقة وصل تفصل الحق عن الباطل بإذن الله، فلنستعد.
FofKEDL@