الحديث عن الشباب ورؤية المملكة 2030 ذو شقين، الشق الأول نظرة الرؤية إلى الشباب وما أولتهم من الاهتمام والرعاية لأسباب عدة لابد من تناولها في السطور التالية ثم دور الشباب في تحقيق الرؤية، وهو شق ذو علاقة وثيقة بالأول، لأن الأهمية التي توليها الرؤية للشباب هي لما يعول عليهم من تحقيق هذه الرؤية -إن شاء الله-، ولعله من نافلة القول إن الشباب هم عماد تقدم الأمم وبناء مستقبلها، وإن كافة الأمم والشعوب تضع ذلك في الاعتبار وتولي هذه الفئة كل الاهتمام والرعاية، بدءا من رعاية الطفولة ثم المراحل الدراسية في التعليم العام والتعليم العالي ومعاهد وكليات التدريب الفني والمهني التي تعنى بإعداد الشباب لأداء الدور المنتظر من كل منهم وبما يتناسب مع قدراته وإمكانياته وما يتاح له من التدريب والتعليم والتأهيل.
وفي مجتمع مثل مجتمع المملكة العربية السعودية الذي بلغت فيه نسبة الشباب عام 1441 هجري (2020)م وفق التقرير الذي أصدرته الهيئة العامة للإحصاء (جاستات) بمناسبة اليوم العالمي للشباب، والذي تضمن الإحصاءات السكانية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة بالشباب السعودي، والذي أكدت فيه أن الشباب السعودي للفئة العمرية (15 – 34) سنة يمثلون 36.7 % من السكان، كما يلاحظ في التقرير أن غالبية الشباب الذكور هم من الفئة العمرية (20 – 24) عاما وبنسبة تبلغ 27.6 %، بينما تتساوى النسبة الأعلى للإناث الشابات في الفئات العمرية (20 – 24) و(25 – 29) سنة بنسبة 26.2 %، فيما تبلغ مجموع نسبة الأطفال والشباب معا 67 %، مما يعني أن المجتمع السعودي مجتمع شاب وهذا يضاعف أهمية العناية بهم كما يضاعف الدور المأمول منهم في بناء مستقبل الوطن، وبذلك فإن رؤية المملكة 2030 التي هي خارطة طريق واضحة وشاملة لهذا المستقبل قد أخذت ذلك كله بعين الاعتبار منطلقة في ذلك كله من مكانة الشباب في فكر الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- التي يوضحها قوله عندما تحدث عن ذلك قائلا عن الشباب: (فإنهم هم الثروة الحقيقية في كل أمة، فهم الأغلبية عددا، والطاقة الناشطة المتجددة دوما، والتي تمثل عصب التنمية وذخيرتها، وإن تكوين الشباب وصياغة عقولهم وأفكارهم مسؤولية وطنية كبيرة لا ينبغي تجاهلها أو التفريط فيها)، وبهذا القول وفي كثير من المناسبات الأخرى التي تحدث فيها خادم الحرمين الشريفين عن الشباب نجده يؤكد دائما حرص القيادة السعودية على تلمس احتياجات الشباب، ودعمهم، وتعزيز مشاركتهم في المجتمع، وحثهم على مواصلة العمل في مختلف مجالات الحياة.
ولقد تبنى هذا الفكر الثابت العديد من الإجراءات التي تجعله واقعا ملموسا من خلال ما تبذله الدولة من جهود في هذا المجتمع الشاب التي أدت إلى ارتفاع نسب المتعلمين ومستويات التعليم بجميع مراحله وتولد مواهب وقدرات من الشباب.
أدركت القيادة السعودية مبكرا الحاجة إلى إجراءات تنقل ذلك من الفكر والطموح إلى أرض الواقع والعمل باتخاذ قرارات تناسب هذه الطموحات، ووضعت الشباب في العديد من المراكز القيادية في الدولة، كما أخذت في نفس الوقت بيد العديد من القيادات الشابة النسائية للقيام بنفس الدور أيضا بما في ذلك مشاركة هؤلاء جميعا في اتخاذ القرارات، وتحمل مسؤوليات تنفيذها في كافة المستويات والمجالات، وفي هذا الاتجاه جاء تدشين عدد من المراكز والمؤسسات التي تعمل على تحقيق هذه الغاية ومنها «مركز الملك سلمان لشباب الأعمال» وهو يضم قسما خاصا بالفتيات والسيدات، وكان ثمرة هذه الجهود العديد من الإنجازات الأكاديمية والعلمية للشباب السعودي، إضافة إلى ما تم إجراؤه من أبحاث، وما تم تسجيله لهم من براءات اختراع عالميا ومحليا، ولم يقتصر ذلك على الإنجاز العلمي والنظري، بل إلى توجيه السلوك الإنساني للشباب، وذلك يتضح من خلال نسبة المتطوعين منهم والمتطوعات في مشاريع وبرامج التنمية الاجتماعية والمبادرات الوطنية والإنسانية، وهو تماما ما تعلقه رؤية المملكة 2030 من آمال على الشباب في جعل هذه الرؤية واقعا تعيشه الأجيال القادمة من الشباب -بإذن الله- وتشارك في البناء عليه مزيدا من الإنجازات لهذا الوطن الذي يستحق العطاء.
Fahad_otaish@