عشرات التقارير من الأسواق العربية والإسلامية تؤكد تراجع حجم الإقبال على الأسواق بالذات في دولنا الخليجية التي تعنى كثيرا بقواعد الوقاية والتباعد الاجتماعي، ولكن عامين من الأزمة التي أضرت كثيرا بعملية التجارة عالميا ومحليا، كان الوقت كافيا لابتكار طرق التواصل مع المستهلكين، أغلب المتاجر ابتكرت لها برامج تمكن المستهلكين من التسوق من خلالها، ووفرت خدمة التوصيل المجاني حتى تضمن عدم تراجع القوى الشرائية وكساد سلعها بالذات الغذائية.
تجار محليون يؤكدون أن حجم الشراء بالجملة على أغذية رمضانية كان هو الأقل هذا العام لما تكبدوه من خسائر العام الماضي وإن كان النشاط الاستهلاكي هذا العام أكبر بكثير ولكن ليس بمستواه الطبيعي، المستهلكون الذين يتعرضون لموجات متجددة من انتشار الوباء الذي أصابهم بهلع، غالبيتهم في غاية الحذر والاضطرارية والتقيد، لذا فإن الحياة لا تسير بنمطها الطبيعي مما ترتب عليه تراجعهم عن الشراء «الجنوني» للمواد الغذائية ومواد الزينة والأواني وكل ما يلزم مائدة رمضان العامرة والمميزة، بسبب البتاعد الاجتماعي، فحتى تلك المغامرات التي تقودها الأسرة المركبة من خلال تجمعات عائلية تسببت كثيرا في انتشار الوباء بين أفرادها وأعطتهم درسا عمليا في أهمية التباعد.
من خلال السنة الثانية لانتشار الجائحة التي باتت تشكل طابعا للحياة مختلفا يتم التعايش معه، إلا أنها لا تدع الناس تفرط في حرياتها بعد أن تمل من نمط الالتزام، فكلما جد الناس في التأقلم وأخذوا في الخروج باغتتهم بموجة ثانية أشرس من الأولى وكأنها تعيد تموضعها، الحقيقة المفزعة أن هناك ضحايا كل يوم.
أكثر من تعلم الدرس هم التجار أنفسهم، باتوا يقدرون بحرص حجم السلع الاستهلاكية ويوفرونها بعدد معين، ناهيك عن التجار في الأسواق العالمية التي باتت تقلل من تصدير منتجاتها لتوفرها محليا.
ووفقا لتقرير النقد العربي فإن حركة التجارة الدولية تأثرت خلال 2020 بشكل كبير بسبب جائحة كوفيد 19، إذ تراجعت تدفقات التجارة الدولية بنسبة 6.7 بالمائة وفق تقديرات الأمم المتحدة، فيما تشير تقديرات البنك الدولي إلى انكماش التجارة الدولية بمستويات أكبر بلغت 9.5 بالمائة العام الماضي بما يعكس الاضطرابات التي طالت سلاسل الإمداد العالمية العام الماضي التي كانت متأثرة قبل ذلك بالتوترات التجارية ما بين الاقتصادات الكبرى. ومن المتوقع تعافي حجم تدفقات التجارة الدولية لينمو بنسبة 8.1 بالمائة وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، و6.9 بالمائة وفق تقديرات الأمم المتحدة، وتأتي معظم المكاسب المتوقعة لنمو التجارة الدولية من التحسن المتوقع لتدفقات التجارة السلعية، فيما يتوقع استمرار تأثر تجارة الخدمات باستمرار حالات الإغلاق والقيود المفروضة على الأنشطة الخدمية في ظل استمرار حالات الإصابة بوباء كوفيد 19.
على الأرجح هناك تغيير في موازين عدة تجعل التجارة بالذات في السلع تفرض نمطا مختلفا للإقبال عليها بالطرق التي تتوافق مع المرحلة الحالية. لم تعد السلع الغذائية تحظى بالإقبال كالسابق والسبب انتشار المطاعم والمطابخ المحلية، وبعض الابتكارات الغذائية التي تناسب الوضع المحلي. هناك تقارير ترجح ارتفاع الطلب على السلع في السوق الإلكترونية إلى 40 بالمائة، ما يعني أن التراجع في الأسواق التقليدية وليس في السلع.
@hana_maki00