في ظل كل هذا، ما يمكننا الإقرار به هو أنه خلال كل هذه المحاولات اللا منتهية في البحث عمن يشبهنا، فنحن دائما ما نرى العالم بعين الفقدان، نحاول أن نجد من يكمل النواقص المتجذرة فينا، من سيجبر تلك الثغرات التي خلفها الزمن والتجارب والأحداث، من سيرمم ما تم هدمه بسبب توقعاتنا السابقة التي كان الإحباط نتيجتها، أو بخلاصة من سيقبلنا بكل ما لنا وما علينا، بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا...
لكن الأمر الذي يدعو للغرابة والذي يعبر ضمنيا عن الأنانية التي تقودنا، هو أننا دائما ما نقصي الأدوار التي علينا أن نملأها نحن في تلك العلاقات ونفكر فقط في الفراغ الذي يمكن للآخر أن يعبئه في حياتنا.... وننسى أنه في حياة الآخر كذلك مجموعة من الخانات الفارغة التي ينتظر منا أن نملأها... وهذا بديهي لأن كل علاقة هي تبادلية لا بد أن يكون فيها أخذ وعطاء من الجهتين، ومن الضروري أن يتم إشباع حاجياتنا نحن وحاجيات الطرف الآخر على حد سواء...
فكل علاقة كيفما كانت لا يمكنها أن تنمو وترتقي من دون هذا الوعي بوجود توقعات مختلفة لدى الطرف الآخر كذلك، التي من واجبنا أن نأخذها بعين الاعتبار وأن نعلم مدى الإمكانيات التي نستحوذ عليها والتي ستمكننا من مساعدة هذا الشخص على تلبية حاجياته ورغباته المطروحة قيد الاستفسار والتساؤل...
في المقابل، لا يمكن أن يحصل هذا الوعي من دون العودة إلى أنفسنا بين الفينة والأخرى، دون أن نغوص في أعماقنا ونكتشف الأشياء الدفينة فينا والمحركات الرئيسة وراء سلوكنا، ساعتها سنتمكن من أن نرى هذا الآخر الذي يشبهنا، من خلال أنفسنا... فالنظر إلى النفس هو الحكمة وراء فهم ما يختلج كل مكونات الطبيعة وهو السبيل لبناء علاقات ناجحة...
alharby0111@