الهوية كيان يعبر عن ذات، الذات قد تكون طبيعية كالإنسان، وقد تكون اعتبارية كالشركات والمنظمات والمؤسسات وغيرها، وتشترك الذات مهما تعددت أنواعها في أن لكل منها هوية تعبر عنها، قد تكون الهوية حقيقة، وقد تكون غير حقيقة، الهوية بمعنى آخر هي الهيئة التي تمثل معتقدات، أفكارا، قناعات، تتنوع وتختلف بتعدد الأدوار، التي تقوم بها، لننطلق بعيداً عن المقدمات وندخل في واقعنا المعاصر على منصات التواصل الاجتماعي، نجد أن الواقع الافتراضي الرقمي يختلف تماماً عن أرض الواقع، الازدواجية في التعبير عن الذات بين الواقع الافتراضي والواقع المعيشي أصبح من المألوف، نتفق بأن ضغوط الحياة وروتين العمل والالتزامات عبء يتحمله كل فرد، لكن هناك على الجانب الآخر عالما آخر تعبر فيه عن رأيك بحرية، تظهر فيه بشخصية جديدة، تبرز في اهتماماتك وهوياتك، التي لا تكون ذات أولوية في الواقع المعيشي، هنا يأتي دور الهوية البديلة لتفتح نافذة جديدة يستطيع الفرد أن ينطلق من خلالها في أفق رحب نحو عالمه الخاص، الذي يطل من خلاله على العالم من منظور آخر غير الذي يتعايش معه كل يوم، قد يتحدث أحدهم قائلاً «إنها تجربة رائعة»، بالطبع إنها رائعة لكن الإغراق في الهوية البديلة قد يؤدي بالفرد إلى الانفصال عن العالم الواقعي، وهنا يكمن الخطر في أن الفرد الذي يندمج في شخصية افتراضية يجد صعوبة في العودة لحياته الطبيعية من جديد، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاعتدال مطلوب فلا مانع من الهروب من الواقع، لكن علينا ألا نبتعد لنبقي البوابة الخلفية مفتوحة للعودة من جديد، الهوية البديلة تعزز من قابلية الفرد لمجتمعه؛ لأن الفرد يجد في عالمه الافتراضي الخاص المساحة الكافية، التي يمارس فيها حياة من نوع آخر، حياة بلا قيود، فمن الخطأ أن نقيّم شخصا ما بناءً على حسابه على منصات التواصل الاجتماعي، وهناك رأي آخر يقول إن «منصات التواصل الاجتماعي أصبحت منصات تواصل فعالة للقطاعين العام والخاص، لذا فهي جزء لا يتجزأ من واقع حقيقي»، هذا الرأي يحترم لكني أتحدث عن العين، التي ترى العالم من منظور آخر، وليست تلك التي تعكس واقعا، ونحن في النهاية نختار من نريد أن نكون عليه في نهاية المطاف، قد يجد الفرد أن الهوية البديلة هي النموذج الناجح، الذي يريد أن يتعايش معه، فنجده يغير مجريات حياته ليشكل هوية جديدة، وهناك مَنْ يعتبرها رافدا يدعم مستقبله المهني أو الاجتماعي، لكن علينا أن نراعي في كل الأحوال المحافظة على ما استقرت عليه الأعراف المجتمعية والآداب والأخلاق الدينية في التعبير عن آرائنا، ونراعي أيضاً ألا نخالف النظام المطبق في الدولة، فالحرية مسؤولية.
@i_rakan010