بالحوار مع الطفل وتفعيل النقد الفكري للذات سيتمكن الطفل في هذه الحالة من معرفة الحكمة من فرض الصيام بشكل يتناسب مع مستوى تفكيره ونشأته في المحيط الذي يعيش فيه. أولا، عن طريق طرح التساؤلات، سيتعرف الطفل على احتياجاته الجسدية والنفسية وغيرها. وبمحاولة تحديد المستوى الطبيعي لهذه الاحتياجات سوف يستوعب الطفل المفاهيم والفروقات بين الحاجة والرغبة والاهتمام والمستويات المتفاوتة بينها. ثانيا، من خلال معرفة الفروق والمستويات بين المفاهيم المذكورة أعلاه سيكون الطفل قادرا نوعا ما على التمييز وترتيب الأولويات التي يحتاجها من الباطن أولا (الذات) ليعبر عنها بسلوك معين في الظاهر.
ثالثا، بعد أن تتضح الأولويات الذاتية بالنسبة للطفل سوف يستطيع أن ينظم سلوكه في كيفية سد أو إشباع الاحتياجات بشكل سليم، ومن خلال ذلك سوف يتعرف أكثر على ذاته ويستكشفها بطرق مختلفة. رابعا، تنظيم كيفية إشباع الاحتياجات الذاتية يؤدي إلى معرفة كيفية التحكم بها وضبط النفس من خلال مقاومة رغباتها المختلفة أثناء الصيام.
كل ما ذكر أعلاه وغيرها من الأمور التي لا يسعني ذكرها في هذا المقال، تندرج تحت مسمى (جهاد رغبات النفس وكيفية التغلب عليها) والذي بدوره يؤدي إلى التهذيب الذاتي للنفس. فالصيام يهذب النفس وذلك بكبح جماح رغباتها ومعرفة مقدار احتياجاتها، للوصول إلى السلوك المتزن. ويهذب العقل بالتفكر والعبادات التأملية في الذات أولا ومحيطها ثانيا. وأخيرا، فإن الصيام يهذب القلب بازدياد العمق الإيماني من خلال التقرب إلى الله -تعالى- بالذكر والدعاء الصادق وحبه ومخافته تعالى.
FofKEDL @