وقال الأديب السعودي عبدالرحمن الجاسر، إن رمضان ليس مجرد شهر صوم وعبادة بل هو أكثر من ذلك لدى أغلب المجتمعات المسلمة فهو ظاهرة وتظاهرة اجتماعية مثلما تتغلغل في أعماق النفوس والأرواح فهو يطفو حتى على الأماكن والبيوت والميادين، ويحب الكثير من الناس أن تظهر قيمة هذا الشهر والاحتفاء به في بيوتهم وحاراتهم من خلال تعليق فوانيس الزينة الرمضانية.
قيمة عميقة
وأضاف الجاسر: إنه رغم طغيان المدنية والثقافة الاستهلاكية وأصبحت الشوارع والشاشات متخمة بالدعاية للمنتجات من أطعمة ومشروبات رمضانية، إلا أن بعض الحارات والأحياء الشعبية في بعض البلدان العربية ما زالت تستقبل شهر الخير بالطريقة التقليدية المبهجة مما يعطي هذا الشهر طابعه الخاص. مشيرًا إلى أن هذا الاستعداد الشكلي بالزينة الرمضانية والأضواء في الحارات والأحياء هو انعكاس للحالة الاجتماعية والدينية، حيث يتشارك الناس الإفطار والصلاة ويتزاورون مما يعطي المعنى الأعمق لقيمة الشهر الكريم.
روحانية وبركات
وأكدت الناقدة د. سعاد راشد المرزوقي -دكتوراه في النقد والأدب من دولة الإمارات-، أن شهر رمضان بهاء وجلال فهو ملك الشهور يطل علينا في موعده من كل عام، فتزدان الدنيا حياة وإيمانًا وبشرًا بمقدمه، وتنداح في الفؤاد كل المشاعر والعواطف والأمنيات. وتوقد الأنوار والزينات والأفراح، أنوار تشي بقدسية هذا الشهر. وتلهج الزينات بروحانية وبركات ليس لها مثيل. وبركات لا تتكرر إلا مرة في العام.
تجبر الكسر
وقالت: إن كل القلوب والعيون والأحداق تشتاق لذلك البهاء الذي يبدأ منذ أن يحط الشهر رحاله. والزينات والأضواء البهية تنعش القلوب الظامئة والأرواح المتعطشة لتراتيل الآيات التي تتقاطر شهدًا من بين الأزقة ومن البيوت والمآذن؛ لتجمع القلوب على مائدة الحب، وتجبر كسر القلوب، وتضمّد جرح المشاعر والعلاقات الإنسانية التي تقف على شفير القطيعة في رمضان وتدخل القلوب والأرواح في طقوس من الصفاء والسكينة والسلام.
بهاء وجلال
وأكملت: إن هذا السلام يصيِّر الإنسان منا ملائكي الطبع قدسي المشاعر، يخلع عنه غلائل الدنيا، وترفل نفسه في ساحات من الإيمان والطاعة، وتتمرغ روحه في مدارج التذلل والمناجاة لعله يحظى ببعض أنوار هذا الشهر وإشراقاته مشاعر بهية قدسية فخمة تتشظّى إلى مُلح وقبسات من فرح وابتهال ونشوة بالتوبة، ولعل النفوس التي ظمئت ساعة من نهار ترشف من ري الإيمان دهرًا! وعسى رمضان يخلع علينا من بهائه وجلاله فيحيل الحزن سعادة، والهم فرجًا، والعوز غنى، ويصيّر التيه توبة وفلاحًا.