شهر رمضان شهر خير وبركة وفيه يزداد حب الناس لعمل الخير، ومملكتنا منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والعمل الخيري هو أحد أولوياتها الرئيسية، وتتابع الاهتمام به بتعاقب قادة هذه البلاد حتى وصل لحكومتنا الرشيدة، فأصدرت له الأنظمة وعززته بمجموعة من الإجراءات، التي تكفل له ديمومته واستمراره. وأتاحت له عدة منصات إلكترونية تكفل للجميع التبرع والمساهمة بكل سهولة ويسر، والأهم من ذلك بكل أمان، مما جعل الكثيرين يستخدمونها اليوم للتبرع وسد حاجات الناس الأكثر احتياجا مع حفظ خصوصيتهم، وقد تفاعل الكثير من المشاهير في هذا الشهر الكريم مع هذه المنصات لتبني حالات إنسانية مديونة ومسجونة بسبب ذلك، وحثوا متابعيهم على سداد هذه المديونيات وتنادي متابعيهم للسداد حتى رأينا الكثير من القصص العجيبة لسرعة تفاعلهم وإغلاق كثير من المديونيات، لكنها قصص تخضع للحظ في كثير من الأحيان، فبعض هذه المديونيات تقفل في ساعات، والبعض تأخذ وقتا طويلا لإقفالها، والمنصات ليست لسداد المديونيات فحسب، بل هي متعددة وتغطي أغلب الاحتياجات الإنسانية وهو أمر جيد ويحقق التكافل الاجتماعي المنشود، لكن هناك أمرا مهما أود أن أشاركه مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وهو إيجاد منصة التمويل الجماعي للمشاريع التنموية. وهي منصة اقترح أن تشرف عليها الوزارة لإيجاد تمويل خيري جماعي لمشاريع تنموية لا تجد لها تمويلا لإنشائها في الوقت الحالي لأي سبب كان، وتقوم الوزارة بتحديد عدد من المشاريع الجاهزة مثل مبنى للأيتام في منطقة ما، أو مركز تدريب متخصص لمرضى متلازمة داون، أو دار اجتماعية وصحية أو مركز رعاية نهارية للمسنين أو غيرها من المشاريع التنموية، التي تحتاجها المناطق، وتكون مدروسة من كل النواحي الهندسية والمالية وأرضها جاهزة للبناء وجهتها المشرفة عليها متوافرة وخطة تشغيلها بعد البناء جاهزة وينقصها التمويل فقط، فتضعها الوزارة في منصة التمويل الجماعي ويتنادى لها أبناء شعبنا العظيم بالتبرع ويدعو المشاهير، الذين يملكون القدرة على التأثير على متابعيهم للتبرع لإنشاء مثل هذه المباني المستدامة، التي تخدم فئات محتاجة، لكنه ليس احتياجا وقتيا، وإنما احتياج يبقى أثره بشكل دائم، ورغم أن التمويل الجماعي يتم الآن ولكنه باستحياء لخدمة المحتاجين ماليا، لكننا لم نره يبني مبنى تحتاجه وزارة أو جمعية متخصصة لتقديم خدمات الرعاية لفئات محتاجة، فرغم أن مجتمعنا يزخر بقصص تبرع كبيرة لأسر غنية أنشأت مراكز علاجية متخصصة ووهبتها للوزارات المختصة لإدارتها، وأنشأت كذلك مراكز تنموية في مدنها لكنها تبقى محدودة ولا تسد كامل الاحتياج، والمحزن أن نجد إنسانا لا يستطيع أن يتلقى العناية والرعاية والتعليم المناسب بسبب عدم وجود مدرسة تتناسب مع ظروفه الصحية وتكون قريبة من سكنه، وهذا للأسف على سبيل المثال هو حال مرضى متلازمة داون في كثير من مناطقنا، التي لا توجد فيها مراكز متخصصة، الذي يدفع أسرهم للتغرب في مدن أخرى لإيجاد رعاية مناسبة لأبنائهم، لكن مع التمويل الجماعي للمشاريع الوقفية والخيرية يمكن إنشاء مثل هذه المراكز وتغطية الاحتياجات الإنسانية والتنموية في مختلف مدننا بكل يسر بإذن الله تعالى.
@dhfeeri