وبين أن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات، والاجتهاد في الأعمال الصالحات، وكل ميسر لما خلق له، مردا قصة إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل -عليهما الصلاة والسلام- في رفع قواعد بيت الله الحرام، والفزع بعد التمام إلى طلب القبول من رب العالمين، مخافة ألا يتقبل منهما، داعيا إلى الإخلاص في طاعته سبحانه وتعالى، وتخصيص ما بقي من رمضان بمزيد من الدعاء أن يتقبل منا والتعرض لنفحات الله سبحانه وتعالى بكثرة القراءة والتكبير والركوع والسجود والتهليل والتسبيح والتحميد والإكثار في أيامه من الصدقة والإحسان إلى الفقراء والمساكين.
وأشار أمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن أفضل أوقات شهر رمضان العشرة الأخير، فيها ليلة مباركة هي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر، فيها يفرق كل أمر حكيم، تكتب الحوادث والتدبير، يصل فيها الرب ويقطع، ويعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويميت ويحيي، ويسعد ويشقي، وتجري أقلام القضاء والتقدير، وقد كان من هديه عليه الصلاة والسلام، أن يجتهد في هذه العشر ما لا يجتهد في غيرها.
وفي المدينة المنورة حث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د.عبدالباري الثبيتي المسلمين على اغتنام فضائل العشر الأواخر من رمضان ولياليها المباركة، وتحري ليلة القدر التي ميزها الله واختصها بعظيم ثوابه، وذكرها في محكم كتابه بأنها خير من ألف شهر.
وقال في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي أمس: هذه نسائم العشر الأواخر قد أقبلت، ونفحاتها قد اقتربت، وأنوارها قد لاحت، ونفوس الصالحين لفضلها متشوقة فيها تنصب الأقدام بين يدي الرب مناجية، وترفع الأكف متضرعة داعية العشر الأواخر من شهر رمضان هي أفضل عشر ليال للعبادة وإذا تأملت هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر عرفت قدرها، وقدرت قيمتها اجتهادا في العبادة يفوق غير العشر. وأورد فضيلته ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العشر الأواخر من رمضان: «كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره».
وحض بأن يغتنم العبد هذه الليالي المباركة فيحمد ربه، ويشكر خالقه أن أمهله في الحياة، ومد في عمره ليتدارك ما فات، ويستزيد من الطاعة، ويغرف من خير أجل مواسم الحسنات، وخيركم من طال عمره وحسن عمله، والأعمال بالخواتيم وإذا علم المسلم علما، واستشعر يقينا أن العمر قصير، والأيام سريعة، والأجل قريب، والفرص قد لا تتكرر، داعيا إلى المسارعة في الخيرات، والحرص على اغتنامها في رمضان، سيد الشهور الذي يتوالى خيره وبرکته، فمن كان مقبلا فإنه لا يبرح مكانه بل يزيد، ومن فرط أو غفل في أول الشهر فإنه في هذه العشر يسرع الخطى، ويحث المسير، ليلحق بركب السعداء، ويجعل له مكانة مع الفائزين، فالفرصة سانحة، والفسحة ما زالت قائمة، والموفق من أوقد شعلة حماسه، وعقد العزم، مستعينا بالله مقبلا على المساجد، مجددا النية، نافضا ثياب الكسل.