الرسالة الداخلية الأبرز في رأيي كما تلقفها الناس في المملكة هي المستقبل، والمستقبل الواعد، والواثق بالله سبحانه وتعالى قبل كل شيء ثم بطموح القيادة وإصرارها على تقديم الأفضل للأجيال السعودية. بقي الشق الدولي الذي تضمنه لقاء سمو ولي العهد -أيده الله- وانصرف في مساراته العامة إلى شقين رئيسين الأول: علاقات المملكة العربية السعودية بالقوى الدولية الكبرى، القديم منها، والجديد، والناشئ المحتمل أن يشكل رقما ما على ساحة صناعة السياسة الدولية في قادم الأيام، وأوضح سموه أن العلاقات مع الجميع متسقة مع النهج السعودي التقليدي القائم على تحقيق وتعظم المصلحة السعودية، وبناء علاقات إيجابية مع القوى الدولية بما يحقق تلك الغاية. وفي ذات السياق لم يغفل سمو ولي العهد جانب التاريخ وطبيعة العلاقات السعودية مع القوى الدولية في ظل المتغيرات، والتطورات التاريخية التي أكدت دائماً رسوخ الممارسة السياسية السعودية الواعية، واتسام العمل السياسي الوطني بالمصداقية، والشفافية. يؤكد ذلك تاريخ طويل من العلاقات التي يشيد بها الجميع للمملكة العربية السعودية التي كانت دائماً مثالا للدولة التي تحترم تعهداتها، وتساهم بكل طاقات المادية، والمعنوية لخدمة المنظومة الدولية. أزعم أن هذا ركن مهم في اللقاء، بقي الحديث عن العلاقات الإقليمية وتشكلها في المرحلة الأخيرة مع بعض التغيرات الطبيعية والسياسية في المنطقة والعالم. وهنا أكدت سموه عبر حديثه عن العلاقات الإقليمية خاصة مع الجانب الإيراني أن المملكة دولة سلام، ودولة دعوة للاستقرار، والسلم في المنطقة، من خلال الرسائل الإيجابية التي توجهت للجانب الإيراني بدون مواربة، وأضيف على هذه الجزئية البالغة الأهمية أن هذه المناخ المريح والمتفائل لعلاقات إقليمية تختلف عن تلك التي وسمت السنوات الماضية يتسق مع المبادرة السعودية لوقف الحرب في اليمن، وكأن حديث سموه فيما يتعلق بإيران مبادرة سعودية جديدة للتهدئة والتعاون وتبادل المصالح في ظل مفاهيم الجوار، والأمنيات بالرخاء للجميع.
خطاب سمو ولي العهد نقل المنطقة إلى حالة جديدة من التفاؤل بحالة أكثر أمناً، واستقراراً. والحديث في جملته يكشف عن تغير في الخطاب نتمنى أن يكون مبنيا على تغير حقيقي في السلوك السياسي للآخرين. المملكة تقدم المبادرات، وتقدم النوايا الطيبة للجيران، وتطمح بمستقبل مستقر ومزدهر لكل شعوب المنطقة، فهل يتماهى أصحاب المشاريع الحالمة مع هذه الواقعية السياسية السعودية.
salemalyami@