من المهم معرفة أن الفنون هي عبارة عن رسائل حقيقية للشعوب ترتكز على التعايش والمحبة على السلم والإبداع ونشر ثقافة الجمال والتنافس عليها، كما أنها تستطيع أن تطبع الهوية الأصلية، وتُطوّر مواكبتها لواقعها بفرض الشموخ القادر على الارتقاء بها حتى تكون صورة وانعكاسًا وطنيًا.
والثقافة والفنون هما صنوان يمتلكان قدرة التقريب بين الشعوب فكريًا وبصريًا من خلال إلهامهم وفتح بصائرهم على تأمل عاداتهم، وخلق مقارنات فلسفية من شأنها أن توسّع أفق التواصل وفتح منافذ الإلهام والابتكار، وكذلك تكوين تقنيات تواصل لها أن تُعرّف بالثقافة الوطنية لكل فنان حتى تكون بصمته التي تحكي عن انتمائه.
ولعلنا هنا إذ نشير إلى أهمية الفنون لا يمكن أن نغفل عن دورها في فرض المعرفة ونشرها أيضًا؛ لأنها ستكسر حواجز الأحكام المُسبقة عن أي منطقة، وبالتالي ستبني جسورها التي تصل بين تلك المعرفة والثقافة التي ستفرض حتمًا الفضول الإيجابي لصقلها.
وهذا الانسجام بين الوعي والمعرفة والثقافة قابل للمزج بين المعارف العلمية والتربوية مع المعارف الفنية، حتى يكون الأفق الفني له دوره التوعوي اجتماعيًا واقتصاديًا وتنمويًا؛ لأن الفنون عبارة عن حلقة متسلسلة لا يمكن لها أن تصل لمراحل الأوج المزدهر والتعمق الشامل دون توافر المناخ الضامن لها؛ لأن الانفتاح بلا معرفة قد يعني التنصل من الهوية وتدمير الميزة والخصوصية، فالمعرفة من شأنها أن تكون السلاح القادر على ضمان الهوية والخصوصية التي تميّز كل شعب كما يجب، وبالطريقة التي يريدها وتعبّر عنه بكل صدق.
yousifalharbi@