الجندي المجهول مصطلح عسكري في الأساس يرمز للجندي الذي ناضل وقاتل بكل قوة وشجاعة وشرف دفاعاً عن سيادة وكرامة واستقلال وطنه وشعبه ودولته، واستشهد في سبيل ذلك، ولسبب يعود إلى الحرق أو تمزق الأشلاء أو فقد الوسائل التي تحدد هويته تقوم الدولة بتكريمه من خلال بناء نصب تذكاري يخلد ذكراه، ويمجد أفعاله العظيمة على الرغم من عدم تحديد هويته.
هذا المصطلح العسكري وجد بعد ذلك استخداماً مجازياً في عدد من المجالات الأخرى، كوصف من عُرِفَ عنه الإخلاص والتفاني وتجنب حب الظهور أو الشهرة أو المطالبة بمكافأة وامتيازات وترقيات؛ منحصراً همُّه في نجاح المنظومة أو الكيان الإداري وتحقيق أهدافهما، لتكون أكبر مكافأة ينالها هذا الجندي نجاح المنظمة وتحقيق أهدافها، ولكن الأمور لا تجري دائماً بهذه المثالية، ففي الوقت الذي ينشغل فيه الجندي المجهول بتحقيق أهداف المنظمة، يبدأ المرتزقة بالتسلل والتسلق على أكتافه وتحقيق الترقيات والعلاوات على أشلائه، ولا يكتفي هؤلاء بذلك بل يتعمدون مضايقته ومحاولة افتعال المشاكل ضده، ونشر الوشايات عنه ليتفاجأ بتحوله من رمزٍ للكفاءة والخبرة والإنتاجية إلى حصان كهل يجب التخلص منه بإطلاق رصاصة الرحمة على رأسه عِبرَ أفكار التسريح المتعارف عليها كتجديد الدماء.. رصاصة تطلق على حصان نسي نفسه وعائلته وصحته ورفاهيته فلم يطلب المناصب أو يتزلف إليها في سبيل نجاح المنظمة، وتحقيق أهدافها وحان وقت التخلص منه دون نصب تذكاري يمجد ويخلد ذكراه كما يفعل العسكريون مع شهدائهم، ولهذا أحببت العسكرية وقدرت قيمها فهي دائمًا ما تتحلى بالشرف وأخلاق الفرسان.
الجندي المجهول شرف وصفة سامية ولكن في عملك كُن جندياً مخلصاً وشرساً في الدفاع عن حقوق المنظمة، ولا تكن مجهولاً لكي لا تُطلق عليك رصاصة الرحمة في وقت تنهمك فيه بتحقيق أهداف المنظمة التي تعمل فيها.
@falkhereiji