مواقف المملكة
من جهته أشاد ناظر قبيلة البني عامر علي إبراهيم دقلل بخصوصية العلاقات بين السودان والمملكة، مؤكدًا أن العلاقات الثنائية ضاربة في القِدَم ومتعددة الجوانب خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
كما امتدح ناظر الهدندوة محمد الأمين ترك مواقف المملكة الداعمة للسودان على جميع الأصعدة والمستويات، مشيرًا إلى ضرورة التواصل بين قيادات الشرق على المستوى الاجتماعي مؤكدًا أن الخلافات في شرق السودان هي خلافات سياسية وليست قبلية. وعبّر الجميع عن شكرهم للسفير جعفر الذي أعلن ترحيبه الدائم بكل السودانيين تحت مظلة السفارة والمملكة المحبة للسودان والسودانيين.
وفي نوفمبر 2019 شهدت مدينة بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، حالة من الهدوء والاستقرار بعد أن أفلح وفد رفيع من الحكومة الانتقالية في إقناع قبيلتي البني عامر والهدندوة على توقيع وثيقة صلح لوقف القتال، الذي ترجع أصوله إلى 1986 ويتجدد كل حين.
وكان آخر تلك الأحداث التي اندلعت في ولاية كسلا المتاخمة لولاية البحر الأحمر، إثر حشود مضادة نظمها الهدندوة الرافضين للوالي الجديد عمار صالح، المنتمي للبني عامر، وتحوّلت لأعمال حرق ونهب واسعة النطاق بسوق المدينة، رغم سريان حالة الطوارئ.
الصراعات الإثنية
ومنذ 19 مايو 2019، تتوالى الصراعات الاثنية بولايات الشرق الثلاث: «البحر الأحمر وكسلا والقضارف»، تارة بين البني عامر والنوبة، وأخرى بين الهدندوة والبني عامر. وفيما يخص الصراع الأخير ببورسودان بين البني عامر والهدندوة، أكد والي الولاية عبد الله شنقراي «إن عدد القتلى جراء المواجهات بين القبيلتين فقط في ثلاثة أيام من أغسطس 2020 ارتفعت إلى 37 قتيلا، فضلا عن 123 جريحا.
ووقع ممثلو البني عامر والهدندوة قبل عامين على وثيقة»القلد«لوقف العدائيات حتى التوصل لاتفاق صلح شامل، بحضور عضوي مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر وحسن شيخ إدريس، ووزراء، ضمن جهود لاحتواء هذه الاشتباكات.
وكان النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول محمد حمدان دقلو، قد قال وقتها: إنه بموجب اتفاق السلام سيتم حل المشكلات في شرق البلاد بالتراضي.
وأعلن حميدتي، في تصريحات صحفية حينها عقب لقائه الإدارات الأهلية بالشرق، عن تشكيل لجان لحل مشكلة شرق السودان بالتراضي، مشيرا إلى الأحداث المؤسفة التي وقعت في ولاية كسلا بسبب إقالة الوالي، ووجه القوات النظامية بفرض هيبة الدولة والقيام بواجبها تجاه حماية المواطنين.
حالة احتقان
واندلعت الاشتباكات القبلية، الأخيرة بين قبيلتي البني عامر و»الهدندوة»، بعد حالة احتقان أعقبت وصول الأمين داؤود رئيس الجبهة الشعبية المتحدة (أحد مكونات الجبهة الثورية) إلى المدينة، وفرضت السلطات المحلية على إثره حظرا للتجوال.
وجرت الاشتباكات احتجاجا على استقبال نظمه أنصار الأمين داؤود بمناسبة زيارته المدينة، حيث ينتمي إلى قبيلة البني عامر، لكن أفرادا من القبيلة الأخرى احتجوا على تنظيم استقبال شعبي في مدينتهم لزعيم من قبيلة منافسة، ما أدى لاندلاع صدامات بين الطرفين.
وأعرب وزير الثقافة والإعلام حينها، فيصل محمد صالح عن سعادته بالاتفاق الذي تم في بورتسودان، لافتاً إلى أنه ليس حلا نهائيا للمشكلة ولكنه سيوقف نزيف الدم بين أبناء البحر الأحمر.
وشدد صالح، على أن حكمة النظار والإدارات الأهلية ووعي الكيانات الشبابية وجهود منظمات المجتمع المدني بولاية البحر الأحمر أسهمت في التوصل إلى الاتفاق، مبينا أن ما تم توقيعه يعد خطوة أولى في سبيل تعزيز التعايش وتمتين النسيج الاجتماعي.
وأثنى عضوا مجلس السيادة الانتقالي حسن شيخ إدريس قاضي والفريق إبراهيم جابر بالروح الطيبة التي سادت أجواء الاجتماعات بين قبائل الشرق المتنازعة، وحرصها على حقن دماء أبناء الولاية، ودعوتها لنبذ الفتنة والاحتكام لصوت العقل.
غياب التنمية
يشار إلى أن رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك جدد في أبريل المنصرم، اهتمام الحكومة الانتقالية بمعالجة قضايا شرق البلاد مشيراً في هذا الصدد إلى المظالم التاريخية وغياب التنمية بالشرق.
وأمر الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية وحسم أي جهة تعمل على تأجيج الصراع عبر خطاب العنصرية والكراهية، وذلك لدى لقائه بمكتبه وفدي القيادات الأهلية والسياسية لشرق البلاد برئاسة الناظرين على إبراهيم دقلل ومحمد محمد الأمين ترك، كل على حدة.
وبحث حمدوك مع الناظرين القضايا السياسية والاجتماعية لشرق البلاد، وتم التأمين على أهمية التعايش السلمي ورتق النسيج الاجتماعي بين المكونات المجتمعية وجبر الضرر والإسراع في محاكمة الجناة في الجرائم التي ارتكبوها، ومحاسبتهم في إطار القانون.
وتطرق لقاء وفدي الشرق برئيس الوزراء لأوضاع الإدارات الاهلية وضرورة إنفاذ القانون في الجوانب المتعلقة بها والفصل ما بين دورها السياسي والمجتمعي، فضلاً عن الطريقة المثلى للتمثيل السياسي لكل مكونات شرق البلاد بشكل يحقق الرضا لكل المكونات المجتمعية، بجانب ضرورة التوزيع العادل للتنمية بشرق البلاد من خلال إنشاء مفوضية تعنى بذلك.
هذا وقد تم التأكيد على ضرورة دفع جهود السلام والتنمية بشرق البلاد، ومواصلة اللقاءات لإكمال كافة الملفات المتعلقة بقضايا شرق البلاد.