وقد يسوغ ذلك الأمر في عالم التجارة، القائمة على المنفعة المتبادلة، فليس عيبًا أن يستفيد أحدنا من علاقاته أو أن ينتفع بها، ولكن العيب أن نتناسى من جمعتنا بهم الدنيا بمجرد افتراقنا عنهم، أو لكون أن الله أنعم علينا بمنصب أو جاه.
وليعلم أحدنا، أنه من نعم الله عليه أن جعل حاجة أخيه عنده، فهذا والله من الأمور المباركة، فعندما تسخر إمكاناتك لمساعدة أهلك وإخوانك وزملائك ومجتمعك، فأنت والله المستفيد الأول من ذلك، ألم يقل عليه الصلاة والسلام: (مَنْ كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه بها كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، ومَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ).
كما أن المشي في حاجة أخ لك، أفضل من أداء بعض النوافل من الطاعات، بل إن أجرها عظيم يصل إلى التثبيت من أن تزل القدم يوم القيامة، قال عليه أفضل الصلاة والسلام: (أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومَنْ مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ).
وقد قال الله جل وعلا: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) ولنعلم أن الأصحاب الحقيقيين هم أصحاب المواقف، وأن قصرت مدة معرفتنا بهم وليس مَنْ نعاشرهم دهرًا.
قال صفي الدين الحلي:
عَشِقتُكُم لِخِلالٍ كُنتُ أَعرِفُها
وَإِنَّما تُعشَقُ الأَخلاقُ وَالشِيَمُ
لا تَنقَضوا ذِمَمَي بَعدَ الوَفاءِ بِها
إِنَّ الكِرامَ لَدَيها تُحفَظُ الذِمَمُ
azmani21@