المملكة العربية السعودية، حقبة جديدة من التنمية المستدامة، مجد عانق بشعاعه السماء، واتسع بأقطاره مساحات شاسعة شملت عدة مناطق ومحافظات، وغطت شتى الأصعدة والمجالات. نقف في منتصف نجاحات اليوم لنعيد شحن الطاقة وشحذ الهمم تجاه الغد المشرق للمملكة متأملين في الذاكرة القريبة أولى منطلقاته، وهي كما أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- «هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة». ذلك الحلم الذي ارتكز على خمسة طموحات محورية، رسمت ملامح صورة ومكانة المملكة المستقبلية، استهلها بأن تكون بلادنا «نموذجاً» أي مثالاً يحتذى به، وقدوةً قادرة على تحويل مؤشر بوصلة المباهاة والمفاخرة تجاه منهجياتها المتقنة وأداء مؤسساتها المتميز. ثم أتبعها «ناجحاً» باستثمار الموارد بكفاءة وفاعلية عالية لإدراك الغاية المنشودة والمكتسبات المحمودة. كما ركز ذلك الهدف السامي على دور الريادة والتفرد واقتناص الفرص في صناعة المستقبل، وذلك عبر توظيف عملتي الإبداع والابتكار لإلهام العالم وقيادته بأسلوبها الجديد المتجدد، وكسر السائد برأيها السيد. ولم يكتف بهذا فحسب، بل أكد أن يكون ذلك «في العالم» مستحضراً ما تعيشه الدول من تنافسية عالية وسباق محموم للوثب إلى أعلى عتبات سلم الترتيب، وذلك بتبني النماذج والنظم الدولية، والسبق على المؤشرات العالمية. ثم اختتم بتوسيع رقعة الهدف النبيل ليكون على «كافة الأصعدة» شاملاً القطاعات الثلاثة ومؤسساتها، والمنتجات والخدمات وكل ما يصب في سعادة ورخاء ورفاه مَنْ هم على هذه الأرض المباركة.
هذه الطموحات الخمسة أتت رؤية المملكة 2030 لترجمتها إلى دراسات منهجية وخطط استشرافية لم تلبث قليلاً حتى انتقلت إلى مستقرها في الميادين العملية عبر محاورها الثلاثة، مجتمع حيوي يعيش كل مواطن فيه حياة سعيدة آمنة، متمتعاً بخدمات ذات طابع عالمي، ومعتزاً بهويته الوطنية وتراثه الثقافي وقيمه الإسلامية الوسطية. واقتصاد مزدهر يتيح الفرص للجميع عبر نظام تعليمي منسجم مع احتياجات السوق وداعماً لمهارات وظائف المستقبل، إضافةً إلى خلق فرص اقتصادية لرواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والشركات الكبيرة. وثالثها وطن طموح يسعى للتطبيق الشمولي لمبادئ الكفاءة والمساءلة، بما في ذلك بناء حكومة فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة وعالية الأداء تضمن التمكين للجميع كما أوضح موقع الرؤية.
أختم بالقول إن ما شهدناه في لقاء سمو ولي العهد، وما أبصرناه في تقرير خمس سنوات على رؤية 2030 من قفزات وإنجازات سبقت مخطط الزمن وتحققت، ما هو إلا برهان ساطع ودليل قاطع على عزيمة المملكة، التي لا تنثني للمضي قدماً بلا هوادة نحو تحقيق هدفها، ودوام شروق شمسها. ذلك البناء الشامخ لم ولن تقوم أسواره العالية إلا ارتكازا على الشغوفين، الذين آمنوا بأن الحلم ليس الذي يأتي في المنام، بل الذي يجعل الإنسان لا ينام، فخرجوا من مربع الأماني وإجراء المقارنات، إلى ساحة التفاني وصناعة أفضل الممارسات، متكئين فخراً على يقين قادة هذه الدولة الكريمة أن أغلى ما تملك المملكة ليس النفط أو الذهب، بل هو الثروة الحقيقية... المواطن السعودي.
@azizmahb