أوامر إيرانية
أبت ميليشيات الحوثي إنهاء هذا الصراع، فيما زعمت وادعت أنها جماعة مضطهدة، وتقبع تحت الظلم، وصمتت تجاه المبادرة التي قبلتها دول العالم واعتبرتها مبادرة سلام في اليمن، وأوضح الكاتب والصحفي اليمني وسفير اليمن في اليونسكو د. محمد جميح، أن المبادرة كانت فرصة لبدء الطريق وأعادت الأمل في إيجاد حل سلمي لو وافق الحوثيون، ولكنها كشفت الوجه الحقيقي للحوثيين الذين يدعون أنهم مع السلام، كما كشفت الوجه الحقيقي للحوثي الذي يدعي أنهم كجماعة مهمشة ومضطهدة ومعتدى عليهم. وفي الوقت نفسه يواصل الحوثي اعتداءاته المستمرة منذ أكثر من عام على محافظة مأرب، وأسقطت دعاوى الحوثي بوجود العدوان الخارجي على اليمن، وأثبتت أن العدوان الحقيقي بدأ عندما بدأ الحوثيون أول تمرد عام 2004. وقال جميح: إن «المبادرة السعودية» أتت بأِشياء كثيرة متقدمة، منها فتح مطار صنعاء وفتح ميناء الحديدة، وفتح باب الحوار بين اليمنيين للذهاب إلى مفاوضات الحل النهائي، مشيراً إلى أن تلك نقاط مهمة للغاية، على عكس ما يخرج به الحوثيون، بأن المبادرة لم تأتِ بجديد.
التاريخ العميق
من جانبه قال أستاذ الإعلام السياسي د. عبدالله العساف: تتميز العلاقات السعودية اليمنية بأنها تقف على أرض صلبة من التاريخ العميق، الذي رسم صورة دقيقة عن علاقات متينة جمعت هذين البلدين منذ العقد الثاني من القرن العشرين، مشيراً إلى أن الاهتمام السعودي باستقرار اليمن وبنائه كدولة مكتملة يمتدان لقرابة مائة عام، وهما ليسا وليدي اللحظة، والعالم كله يدرك ماذا تعني المملكة لليمن، وماذا يعني اليمن للمملكة، التي يوجب عليها التاريخ والجغرافيا والدين والجوار، التزام مبادئ وقيم تساهم في استقرار خاصرة الجزيرة العربية عبر بناء دولة ذات استقرار لا تخضع لتدخلات أجنبية، كما تحاول إيران القيام به عبر الحوثيين.
وأضاف العساف: تعتبر المبادرة السعودية فرصة جديدة يجب استثمارها من قبل الحوثيين ليكونوا شركاء في تحقيق السلام الذي ينشده أبناء الشعب اليمني ويدعمه المجتمع الدولي والقوى الإقليمية.
ولفت العساف إلى أن «المبادرة السعودية» فضحت مدى تحكم إيران بالإرادة السياسية والعسكرية لميليشيات الحوثي التي تتبع لها، وتتولى طهران تمويلها، وتزويدها بالصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة المفخخة، حتى لم يعد للحوثي هدف سوى التخريب والدمار والزعزعة، والمتضرر الأكبر من تلك السياسة الرعناء هو الشعب اليمني.
مراوغة الحوثي
ويقول العساف: رغم أن «المبادرة السعودية» التي لم تترك جانباً من جوانب الأزمة لم تشمله، إلا أن رد الفعل الأولي من جانب ميليشيات الحوثي كان مراوغاً كالعادة، فهم يتمسكون برفع ما يسمونه «الحصار» أولاً، وفتح مطار صنعاء، ورغم أن المبادرة تضمنت فتح المطار أمام رحلات محددة، وإيداع أموال الضرائب والعائدات النفطية في حساب مشترك لدى البنك المركزي اليمني في الحديدة، ووقفاً فورياً للنار، إلا أن قبول هذا العرض الكبير يتطلب إرادة سياسية لا تتوافر لدى الحوثيين، لأن إرادتهم بيد سادتهم في طهران، الذين يحاولون تحقيق أهداف تخص علاقاتهم مع الولايات المتحدة من خلال زيادة الغارات التي تستهدف المملكة ومصادر الطاقة العالمية بالمسيرات المفخخة، والصواريخ الباليستية، كما أنهم يصعّدون هجماتهم الإرهابية في الوقت نفسه على اليمنيين في مأرب، وحجة، وتعز، والحديدة، وبأدوات الإرهاب ذاتها. وختم بالقول: إن السعودية تأمل كل الخير لليمن، وتعمل على تخليصه من القبضة الإيرانية الإرهابية، مؤكداً أنها أكبر دولة تقدم المساعدات الإنسانية والإغاثية لشعبه، وتقود التحالف العربي لحمايته وإعادة الشرعية اليمنية.
توحيد الفرقاء
وفي السياق أشاد الناشط الحقوقي اليمني مهدي تارة، بجهود المملكة وولي العهد بالاهتمام بالشأن العربي، وعلى وجه الخصوص الشأن اليمني وإعطاء قضية الشعب اليمني اهتماما خاصا، على المستوى السياسي والاجتماعي والعسكري والإنساني الإغاثي، وتتويج كل تلك الجهود بـ«اتفاقية الرياض» وجمع اليمنيون على كلمة سواء من شأنها إصلاح شأنهم وإنهاء الاختلاف بين الفرقاء السياسيين، بالسعي الجاد والحثيث على إنهاء معاناة الشعب اليمني، ليعم الأمن والسلام ربوع اليمن في ظل دولة اتحادية يطمح إليها كل أبناء اليمن.
وأضاف: بفضل تلك الجهود شكّلت الحكومة اليمنية وما زالت بنود الاتفاق في طريقها إلى التطبيق، فضلًا من إطلاقها المبادرات الهادفة إلى حقن دماء اليمنيين وما تقدمه المملكة تجاه الشعب اليمني من دعم على كل المستويات ومختلف النواحي في ظل قيادة الخير، لن يمحى من ذاكرة إخوانهم اليمنيين.
ترحيب دولي
من جانب آخر قال الكاتب السعودي سعد الحامد: إن المملكة استمرت في جهودها ومبادراتها البناءة لدعم حل الأزمة في اليمن، ومحاولة تسريع آليات تنفيذ اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية وتشكيل حكومة كفؤة تحت مظلة تحالف دعم الشرعية وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين لإنهاء الأزمة ومعاناة اليمنيين ودعم جهود المصالحة.
ولفت الحامد إلى مؤتمر المانحين وتنفيذ المملكة وعودها تجاه الأشقاء في اليمن، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، حيث كانت المملكة على قائمة المانحين بمبلغ 500 مليون دولار، إضافة إلي مساعدة الشعب اليمني في مواجهة جائحة كورونا.
ويواصل قائلا: استمرت الجهود السياسية لإيجاد حل للصراع في اليمن من خلال «المبادرة السعودية» التي وضعتها المملكة أمام المجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته لإيقاف الاقتتال في اليمن، ولقيت ترحيبا دوليا واسعا في ظل التصعيد الحوثي واستهداف مصادر الطاقة العالمية وخرق القانون الدولي بالاستهدافات المتكررة للأعيان المدنية المختلفة بالمملكة، لتأتي هذه المبادرة وتطالب الميليشيات بتغليب لغة العقل ومصلحة الشعب اليمني والبعد عن تنفيذ الأجندات الإيرانية. وختم الحامد قائلا: إن مبادرة المملكة تأتي استكمالًا لجهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث ودفع جهود حل الأزمة برعاية الأمم المتحدة والمبعوث الأمريكي لليمن تيموثي ليندر كينغ، ولتؤكد الحرص السعودي على إرساء مبادئ السلم والأمن دوليًا.