وكنا العام الماضي في شهر رمضان الكريم أثناء الحظر لا نستطيع الخروج من منازلنا إلا لساعات وفي أحيائنا فقط. وحتى للطبيب أو المستشفى كان الذهاب إليه بإذن والمدارس أقفلت والمساجد علقت فيها الصلاة. حتى المدارس والمكاتب أقفلت وتوقف جل الأعمال، فلا مطاعم نستطيع الجلوس بها ولا نزهة على شاطئ البحر فقد منع هو الآخر. حتى التمر الطعام المهم في رمضان تأثر بإغلاق المساجد والطرق والمناطق الزراعية فقل الطلب عليه وتكدس وهبط سعره.
وكان أغلب الناس عازفين عن الخروج من المنازل خشية التعرض لهذا الفيروس القاتل مما يسمع عنه حتى أن بعض النساء كان يترك عباءته خارج المنزل للتعقيم بالشمس وكان الأمر أشبه بالفوبيا الجماعية. ولم يكن واضحا حينها كيف ينتقل هذا الفيروس لعموم الناس أهو بالجو فيبقى بجدران المتاجر والسوبرماركت أو حتى بالطرق أم بالتواصل الاجتماعي وكيفيته. أو حتى عن طريق الأكل فعزف البعض عن وجبات المطاعم وعن العاملين فيها وخشوا من أكياسها وصحونها وأدواتها. حتى البيض نفد فكانت طوابير عليه وأغلب المتاجر قننت بيعه وما شأنه لا أعلم.
ومن هلع الناس أن نفدت المعقمات عند كثير من المتاجر واعتاد الناس لبس القفازات وكان كل شيء يعقم رغم الإرشادات. وكنا نسمع عن بقاء الفيروس لساعات في الكنب والكراسي والطاولات فكنا نؤثر الوقوف عن الجلوس ودفع الأبواب بالأرجل خشية مسك المقابض ورفع الصوت للحديث من بعيد خشية التقارب والإصابة. فلا سلام مصافحة ولا قبلة على الجبين أو على اليد لكبار السن من الأقارب.
وتعلم الناس قص الشعر بعد أن طال خشية الإصابة من موس أو مقص أو من العامل بتلك الجهات. وتعلمت النساء فنون التجميل فلا متخصصات ميك أب أو مصففات لشعر. كما توقفت الأعراس والمحافل وحتى الذهاب للدفن أصبح بإذن والعزاء عن طريق الواتساب. وحتى حرم الله توقف الطواف فيه خشية تفاقم الفيروس بين الطائفين والمصلين. وفيما كنا فيه العام الماضي أن نتسمر لرؤية جداول أعداد المصابين والمتوفين على وجه الأرض. كما كنا نسمع أحاديث مخيفة من زعماء عالميين من توديع الأحبة وآخر لأعداد هائلة من الموتى في بلدانهم ولا شيء يستطيعونه، فعاد من عاد من الخارج. وحتى العيد لم يكن عيدا إلا بالصور والتهاني المتناقلة بالهاتف، فلا صلاة عيد في مسجد ولا زيارات للأهل والأقارب ولا للمقابر للسلام على من رحل.
ومنذ تلك الفترة فقد خفت تلك الإجراءات الاحترازية للعودة للحياة الطبيعية وطورت أساليبها لتصبح تطبيقات عملية. ونحن الآن أمام فسحة وراحة، فعدد كبير من المواطنين والوافدين تطعموا من الكورونا والأرقام في تزايد، وكل بوقته فالحظر انتهى، والمساجد والعمرة والمتاجر والمكاتب عادت بعد إغلاق. كما أيضا السفر للخارج أعلن بعودته والمدارس ستعود بإذن الله بعد أن كانت عن بعد. والحياة مصيرها أن تعود لطبيعتها ولكل شيء نهاية والكورونا حتما ستنتهي فزمنها قارب الانتهاء والعيد قادم بفرحة وأمانٍ.
@SaudAlgosaibi