ولكن ستاينبرج يقول في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن ادعاءات بينارت بشأن السياسة الأمريكية تجاه الصين تتناقض مع تصريحات الإدارة الأمريكية نفسها. ففي 3 فبراير الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس «سياستنا لم تتغيّر». وهذه السياسة تخدم مصالح الولايات المتحدة وتايوان والصين وأصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا منذ اعتراف الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بجمهورية الصين الشعبية عام 1978 وسحب الاعتراف بتايوان كممثل للدولة الصينية.
لكن من المهم أن نتذكر المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه هذه السياسة وهو أن الخلاف بين الصين وتايوان يجب أن يتم حله من خلال الوسائل السلمية حصرًا، وألا يسعى أي من الطرفين لتغيير الوضع الراهن من خلال العمل الأحادي بما في ذلك القوة أو الإكراه.
ويرى ستاينبرج الذي عمل خلال الفترة من 2009 إلى 2011 نائبًا لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الأولى، أن هذه السياسة ما زالت صالحة اليوم، كما كانت منذ 43 عامًا؛ لأنها بشكل دقيق ردعت أي تصرف «متهور» من جانب كل الأطراف التي تتمسك بالسلام والازدهار المستمرين في المنطقة. ولكن إذا كان هناك طرف يمكن اتهامه بالسلوك المتهور فلن يكون تايوان ولا الولايات المتحدة وإنما سيكون الصين التي تبدو راغبة بصورة متزايدة في نسف المبدأ المؤسس لسياسة «الصين الواحدة» الأمريكية.
ويرى بعض الأشخاص، بمن فيهم أعضاء بالكونجرس ومفكرون مؤثرون مثل رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس أن سلوك الصين يدعو إلى التخلي عن إحدى الركائز الأساسية لسياسة صين واحدة وتقديم ضمانات أمريكية واضحة لتايوان. لكن من المهم أن نتذكر أن أحد العناصر الرئيسية للتفاهم الذي تم التوصل إليه عند تطبيع العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية كان على وجه التحديد إنهاء الالتزام الأمني لأمريكا تجاه حكومة تايوان، والذي أقره الرئيس دوايت أيزنهاور في عام 1954، فالعودة إلى التزام أمريكي صريح ومفتوح بأمن تايوان لن يخدم مصلحة أحد وقد يؤدي إلى حرب لا ينتصر فيها أحد، وفي هذا فإن بيتر بينارت على حق.
ويقول ستاينبرج: «بصفتي شخصًا كان منخرطًا بعمق في العلاقات عبر مضيق تايوان على مدار الخمسة والعشرين عامًا الماضية، يمكنني أن أقرّ بصعوبة العمل من أجل ضمان توازن سياسة الصين الواحدة، وبالنجاح الملحوظ الذي حققته». ويرى ستاينبرج أن الحفاظ على المبادئ الأساسية لسياسة الصين الواحدة يتطلب في الوقت نفسه التكيف مع الظروف المتغيّرة الناشئة عن تنامي القوة العسكرية والاقتصادية للصين، واستعدادها المتزايد لاستخدام هذه القوة لإخضاع الآخرين لإرادتها.