قال العامل إبراهيم الجارودي: أعمل في هذه المهنة منذ 23 عاما، ونحن نطالب بمحلات مرخصة حتى لا تنقرض وتختفي المهنة المتعبة والشاقة من المنطقة الشرقية، فمحلات الحدادة اليدوية التراثية لا يوجد منها إلا 5 محلات في محافظة القطيف، وتتواجد هنا مقابل سوق السبت، وهذه الحرفة تعتبر أم المهن والحرف اليدوية القديمة، وعملنا في رمضان يبدأ من الساعة 4:30 عصرا حتى أذان المغرب، ومن الساعة 8 مساء إلى الساعة 1 فجرًا.
جهد عال
ولفت الجارودي إلى أن المهنة قد عزف عنها الجميع، فيجب المحافظة عليها، ولن يكون ذلك إلا بالاهتمام بها من قبل الجهات الرسمية، علما بأن مهنة الحدادة مهنة تحتاج إلى الصبر والمهارة لخطورتها، فهي تتعامل مع النار، وفيها ينقص الأكسجين بسبب الغازات المضرة الصادرة من النار والتي تسهم في التعرض للحرارة، ويزداد الأمر سوءا في فصل الصيف، وكثيرا ما يصاب العامل فيها بالإرهاق بسبب الجهد العالي، وإن الحداد يحتاج إلى قوة في جسمه، من أجل الطرق وتشكيل الحديد الصلب إلى أداة مرغوب بها.
جودة المنتج
وبين الحداد عبدالعظيم الجنبي الذي يعمل في الحدادة منذ 28 عاما، أن المهنة تحتاجها المهن الأخرى، خاصة الزراعة، والصيد، وتعتمد على تسخين قطع الحديد المطاوع أو الصلب حتى يصبح المعدن ليّنًا بعد وضعه في النار والفحم بما يكفي ليتم تشكيله بأدوات الطرق «المطرقة» والتي تكون في الأغلب وزنها بين 200 جرام و5 كيلو جرامات، لإنتاج المنتج النهائي وتهذيبه بحيث يخرج بالشكل المطلوب، ويجب أن تكون الآلة نظيفة لا يوجد بها انتفاخ أو قشور فيؤثر ذلك على جودة المنتج. فالحداد يضع المعدن في النار بقدر يمكنه من رؤية المعدن ولا يسمح للهواء المحيط بالوصول إلى سطحه.
طرق وتشكيل
ولفت الجنبي إلى أنه لا يستغني الحداد عن أدواته العديدة ومنها المطرقة والفحم والسندان والإزميل والملاقط والكير وهو «المنفاخ» وهو مصنوع من الجلد ينفخ به الحداد من أجل رفع درجة حرارة الحديد حتى يكون لينا ويتم طرقه وتشكيله بحسب الطلب. وبيّن أن المحل موجود منذ 30 عاما، والموقع خاص لشخص، والإيجار يكلفهم 15 ألف ريال، لافتا إلى حاجتهم لأن تهيئ لهم البلدية محلات ومجمعًا يكون «سوقًا للحرفيين»، ويكون موقعه قريبا من سوق السبت، ويجمع جميع الحرفيين كالحدادة والفخار وكل الأعمال اليدوية، لتبقى وتتعرف عليها الأجيال القادمة وتتوارثها.
مشاركة بالمهرجانات
وأشار الحداد عيسى قاسم أبواسعيد، إلى أنه يعمل في هذه المهنة منذ 30 عاما، فكان الوالد شغلته «صفار» وحوّلت أنا ذلك إلى الحدادة، ونحن نحتاج محلات رسمية ومجمعًا للحرفيين يعمل من قِبل البلدية على غرار محافظة الأحساء، مضيفا إن المهنة تحتاج دعما من قبل الجهات المسؤولة، سواء كانت البلدية أو هيئة السياحة وغيرها. ولأهمية هذه المهنة القديمة طلب منا مشاركتنا في كثير من المواقع والمهرجانات، سواء على مستوى المملكة أو في المنطقة، لافتا إلى مشاركته في الجنادرية 18 عاما، وفي مهرجان الساحل الشرقي بالدمام 4 أعوام، وفي مهرجان الخفجي سنة، وجمعية القطيف 22 عاما، وفي مهرجان الدوخلة 10 سنوات، مؤكدا حاجة المجتمع إلى المهنة التي بدأت تتقلص.
عرض فقط
ولفت إلى عدم وجود ورش لعمل الحدادة الشعبية للأدوات الزراعية من محافظة الخبر وحتى محافظة الخفجي إلا بالقطيف، وهي على غير المستوى المطلوب، علما بأن مرتاديها ومن يحتاجونها يأتون من محافظات متعددة منها الخفجي والجبيل وحفر الباطن والدمام والخبر. وأشار إلى أن البلدية سبق وجهزت موقعا للحدادة ولكنه كان للعرض فقط ويقع بحي الخامسة بالقطيف، والموقع ليس مكانا نقوم بصنع ومزاولة المهنة فيه، وقد تم إيقاف ذلك قبل 7 أعوام، ونتمنى أن يكون هناك موقع للصناعة وليس للعرض فقط.
رغبات متعددة
وقال المواطن والمتردد على محلات وموقع الحدادة حسن المعراج، إن الحدادة مهمة، وضروري تواجدها للفلاحين والمزارعين، فالفلاحة لا تستغني عن الحدادة، فنحن نتردد على سوق الحدادة في كل أسبوع، نأتي بـ«سخين أو محش أو منكس أو عمود أو ساطور أو غيره»، ويتم ذلك بقيمة 10 ريالات أو 15 ريالا، فمهنة الحدادة متعبة جدا، وتحتاج إلى تحمّل وسعة بال، سواء كان في داخل المهنة الشاقة، أو من جهة الجمهور واختلاف مطالبهم، ورغباتهم العديدة.
بلدية القطيف: الانتهاء من سوق الحرفيين قريبا
أوضح رئيس بلدية محافظة القطيف م. محمد الحسيني، عن قرب الانتهاء من استكمال أعمال المرحلة الأخيرة من سوق الحرفيين في حي الخامسة، وذلك ضمن خطط البلدية لتشجيع الحِرف اليدوية، وذلك لاستدامة الموروث التراثي ونقله للأجيال القادمة، والإسهام في تعزيز مكانة محافظة القطيف التاريخية والسياحية.
دعم الأسر المنتجة تعزيزا لجودة الحياة
قالت عضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف خضراء المبارك، إنها قدمت قبل أكثر من 3 سنوات مقترح إنشاء مركز الأسر المنتجة والحِرف التراثية بمحافظة القطيف، والمحافظة تمتلك موقع الحرفيين الذي جهزته البلدية وتوقف قبل أكثر من 7 أعوام، وهو للعرض فقط.
وأعربت المبارك عن أمنيتها بوجود جمعية تعنى بالحرفيين وتساهم في إنهاء معاناتهم، لافتة إلى أن مقترحها سيساهم في وجود مكان للأسر المنتجة لعرض منتجاتهم طوال العام ويكون داعما لهم ويسهم بذلك في «جودة الحياة» التي تركز عليها رؤية وطننا 2030، فنحن نحتاج لإبراز الهوية الأصيلة خدمة للوطن وإعلاء شأنه، ونحن نجد كثيرًا من النساء يعملن في سف الخوص وإبراز كثير من التراث القديم ويتواجد بعضهن في سوق السبت «الخميس» سابقا، ونجد هناك محلات الفخار، والحدادة بارزة في المحافظة والتي تعتبر مشتتة، فجميل لو وجد مبنى يضم هذه الحرف اليدوية القديمة والأصيلة، والذي سيسهم بإيجاد الوظائف، ويخدم الحركة التجارية، فيجب أن نحافظ على هذه الهوية لعدم اندثارها.