LamaAlghalayini@
إن طريقة استخدامنا لوعينا، أي طريقة توجيهنا لإدراكنا، تنتج تغييرات فورية وعميقة في الذرات والجزيئات في أجسادنا، مما يزيد يقيننا على تأثير وعينا على الواقع المادي حولنا، فعندما يتغير الوعي يتغير العالم من حوله، فهناك وعي كلي كوني يحتضن الطبيعة بأكملها، ونحن نشارك من خلال وعينا الشخصي في صناعة الوعي الجمعي الذي يسهم بدوره في الوعي الكوني، ويرتقي هذا المنظور بوعينا من قيود واقعنا العادي لمجال واسع من الإمكانات، فعندما نجعل وعينا الفردي منسجما مع الوعي الكوني، فإن جمال الواقع المادي الذي يمكننا صنعه سيتجاوز مساحات هائلة ما لم نحلم بها من قبل، تجعلك قادرا على دفع عجلة الواقع المادي بسهولة في اتجاه تحقيق رغباتك، كما سوف تدرك مدى القوة المذهلة التي أودعها الله سبحانه في داخل ذهنك، والتي تجعلك قادرا على خلق التغيير ببساطة من الآن خلال تعديل أفكارك.
ولقد أظهر الطبيب الحائز على جائزة نوبل «أريك كاندل» أننا عندما نمرر إشارات عبر حزمة عصبية في أدمغتنا فإن تلك الحزمة تكبر بسرعة، ويمكن أن يتضاعف عدد الوصلات خلال ساعة فقط من التحفيز المتكرر، حيث تعمل أدمغتنا على تجديد توصيلاتها على طول المسارات العصبية لنشاطنا العصبي في الوقت الفعلي، وعندما يتم نقل أفكار وعينا وعواطفه عبر شبكتنا العصبية فإنها تؤثر في تشكيل الموروثات التي بدورها تؤدي إلى تخليق البروتينات في الخلايا، وهذا ما يعزز فكرة أن الذهن يصنع المادة كحقيقة علمية وليس افتراضا ما ورائيا، وكما يقال دوما فإن جهلك بالشيء ليس السبب في متاعبك، بل معرفتك الجاهلة به، فحسب ما كنا ندرس في المقرر الدراسي لمادة البيولوجيا، أن الدماغ بنية ثابتة لا تتغير تماما مثل أي عضو آخر كالكبد أو القلب، لكن تلك المعلومة أصبحت تعتبر من المعرفة الزائفة، بأن اكتشف علماء الأعصاب في التسعينات أنه حتى الأشخاص الذين هم في الثمانينات من أعمارهم يعززون بسرعة قدرة الدارات العضلية المستخدمة على نحو متكرر، وأن أدمغتنا في حالة نشاط متجدد، إذ يدور النشاط الخلوي السريع باستمرار عبر الدماغ، خالقا الجزيئات والخلايا ومدمرا إياها، سواء كنا مستيقظين أو نائمين، وفي هذه الكتلة المشتعلة نشاطا يتم تعزيز دارات عصبية مختارة، فتلك التي تنمو هي تلك التي نستخدمها، فحين نقوم بتمرير إشارة معلومات عبر حزمة عصبية على نحو متكرر تبدأ الحزمة في التضخم وتنمو داراتنا العصبية عندما نشحذ تدريبها كما تتضخم ذراعا لاعب كمال الأجسام عند ممارسته لرفع أوزان أثقل، ولقد تسببت تلك الفرضية في إحداث هزة أرضية في عالم معرفتنا البيولوجية القديمة. ويقول العالم كاندل إنه لو تصرف منزلك مثل جسمك، ستلاحظ أي مصابيح النور مضاءة وأيها مطفأ، وفي كل ساعة سيضاعف المسلك الكهربائي المتوجه لدارة المصباح، ومن أجل الحصول على المواد الأولية اللازمة لتجديد الأسلاك في الغرف التي قمت بتشغيل مصابيحها أكثر، فإن منزلك الذكي سيقوم بتعرية الأسلاك من مصادر أخرى، وتقوم أجسامنا بالشيء ذاته، ففي غضون ثلاثة أسابيع من خمول مسار إحدى الدارات العصبية الخاملة، يبدأ الجسم في تفكيكه لإعادة استخدامه في بناء لبنات البناء للدارات النشطة، وهذا معنى عبارة "استخدمه أو أخسره use it or lose it“، وتتضح تلك اللدونة العصبية عندما نتعلم مهارات حركية أو فكرية جديدة، فلو قررت تعلم لعبة الشطرنج مثلا فحين تبدأ اللعب يكون الأمر مريعا في البداية، فأنت لا تستطيع تذكر حركة القلعة أو الجندي، لكنك بعد بضعة أشواط تقوم بتحريك القطع على نحو هادف، وتبدأ في تطوير الخطط من أجل تكتيكات طويلة المدى، وسواء كنت تتعلم هواية جديدة أو لغة جديدة، أو تخوض علاقة جديدة، أو تكافح مع وظيفة مختلفة، فإن عملية البناء والهدم في دماغك تبقى قيد العمل، فأنت تعزز قدرة الدارات العصبية التي تستخدمها بأكبر قدر من النشاط، بينما تتلاشى القديمة منها، وهكذا يقوم دماغك بتجديد توصيلاته باستمرار، مما يوسع احتمالات تحركاتك، ويعيد تشكيل واقعك.
LamaAlghalayini@
LamaAlghalayini@