إذا أردت أن تكون صادقاً واضحاً فلن تجني أي شيء، وسينفض القوم من حولك، لأنك كشفت أوراقك كلها!.. لا بد أن تحتفظ ببعض أوراقك، حتى لو كانت مزيفة، فليس هناك من يدقق.. ابق مبهماً فلا أحد يسألك عن قدراتك!.. وبإمكانك أن تصبح مستشاراً لأي جهة حكومية أو خاصة دون أن تفعل شيئاً.. يكفي أن يقع عليك الاختيار، وهذا الأمر يتطلب أموراً أخرى موجودة في قلب وليس عقل صاحب القرار!
إنها ثقافة الانطباع والتزكية.. وحتى أكون أكثر تحديداً أقول إنني لا أقلل من أهمية الانطباعات التي شكلتها المواقف، ولا أقف أمام التزكية التي يقدمها البعض تفضيلاً وتحذيراً؛ ولكني أرى فيما يرى البصير أنهما لا تصلحان أدوات يستند عليها لاختيار المدير ولا الغفير!.. وليس في ذلك تقليل في الأخير؛ فالكل مدير في موقعه.
إننا ننشد التنمية، ونتجاهل أهم مبدأ من مبادئ الإدارة «وضع الشخص المناسب في المكان المناسب»!.. نركن لأعراف عتيقة لا تصلح لاختيار دجاجة في صحن رز!
ثق يا صاحبي الجميل القدير أنك لن تصل إلى ما تستحقه؛ لأن هناك من الوشاة المنجمين من يحيل الشربات إلى فسيخ ظلماً وعدواناً.. وهؤلاء ممن تفتح لهم الآذان على مصراعيها فيقيلون ويثبتون بالانطباع والتزكية!
يا قوم.. لا يكفي الانطباع لاختيار الأشخاص للمناصب القيادية بل والهامة بل في التوظيف والتكليف عموماً، فالخبرات والإنجازات تظل سوالف مجالس لا تنبئ عن عبقرية هذا القائد المختار!.. لا بد أن نقرأ أعماله لننصفه ونتأكد من أحقيته للمنصب.. لا بد أن نختبره لنتأكد أنه من أنجزها، ولَم تكن (استعانة بصديق)!.. هذا إن لم يكن الصديق هو الذي أنجز العمل بمفرده.. هذه بعض فوائد التقييم الموضوعي، وتستطيع أن تقوم بهذا الدور مراكز التقييم Assessment centers التي ليس لها وجود عندنا.. وهي تلعب دوراً هاماً وأساسياً في تقييم المرشحين للوظائف إجمالاً والحرجة ورفيعة المستوى بشكل أدق، باستخدام نموذج مثالي متكامل، يعتمد على سلسلة متنوعة من الأدوات، تتمثل في مقاييس القدرة والشخصية ومجموعة من الأنشطة الإدارية الموحدة، والاختبارات التي تعتمد على المناقشات الجماعية، وتمارين لعب الأدوار، ومهارات حل المشاكل، ومهارات صنع القرار.
إن هذا الدور الهام الذي تلعبه مراكز التقييم تتجلى فيه أعلى صور العدالة، حيث يتحقق من خلاله أهم مبدأ من مبادئ الإدارة «وضع الشخص المناسب.. في المكان المناسب».
mbajunaid@