المجتمع الإنساني في مفهومه البسيط يقوم على تكون عدد من الأسر قل عددها أو كثر، ولبناء الأسرة في شكلها السليم وبمفهومها القويم لا بد لها من رابط شرعي يجتمع فيه كل من الزوج والزوجة بشكل معلن وبموافقة مجتمعية ورضا بعادات وتقليد المجتمع، ولا يحدث ذلك في كل المجتمعات قاطبة إلا عن طريق الزواج الشرعي.
ولعل المتتبع لتاريخ المجتمع العربي يجد أنه من أقدم المجتمعات اعترافًا بضرورة الزواج والحاجة إليه، ففي الوقت الذي شاع فيه أنماط شاذة ومريضة من الزواج في بعض المجتمعات والحضارات السابقة كزواج المحارم في مصر الفرعونية، والزواج الطائفي في فارس، وعدم الاعتراف بالزواج عند الرومان والإغريق، نجد أن المجتمع العربي وضع أسسَا راقية وسامية للزواج، حفاظًا على الأنساب والاعتراف بها، فالزواج العربي قائم على الإشهار والرضا وهي من أسمى مبادئ الزواج الحديث.
المجتمع العربي جعل الأبناء الشرعيين هم سادة القوم والعشيرة، في حين نبذ المجتمع العربي الزنا وجعله وصمة عار على مَنْ يقترفه، ويكأني أستمع إلى صوت (هند بنت عتبة) عند بيعتها للرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث كان من بنود البيعة أن تبتعد المرأة عن الزنا، فاستنكرت (هند) صارخةَ مستنكرةً قائلةً (أوتزني الحرة؟!..).
فقد نفت (هند) الزنا عن كل عربية حرة.....
ثم جاء الإسلام ليعلي من مكارم الأخلاق ويعترف بالزواج العربي في الجاهلية، ويقر ما به من حقوق للزوجين، وما عليهما من واجبات ويحفز عليه، فيجعل الرابط الزواجي رباطًا مقدسًا، حيث وضع ديننا الحنيف للزواج أسسًا واضحةً وراسخةً، بل اعتبر الإسلام الزواج نعمةً من أعظم نعم الله تبارك وتعالى على عباده، وجعل الزوجة الصالحة هي خير متاع الدنيا، وضح بذلك ديننا الطريق الواضح لإقامة العلاقة الزوجية، بل وحث الشباب عليه.
وتتطور العصور والأزمان وينفتح المجتمع العربي على المجتمعات الأخرى، إلا أنه يحافظ على تقديس الزواج والإعلاء من شرف الزوجين، بل يعالج المجتمع العربي الأفات التي تهدم الزواج وتنسف الأسر.
وتمر أمام أعيننا العديد من النماذج الزوجية الناجحة في عصر خلفاء المسلمين ويكون للزوجة حظ عظيم من إصلاح المجتمع والاهتمام بشؤون العامة والشاهدات على ذلك كثر من زبيدة إلى الخيزرانة وما شجرة الدر عنا ببعيد، فما كان لتلك العظيمات أن يكن لهن الشأن في المجتمع إلا بالزواج.
وجل مَنْ قال في كتابه العزيز: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون) سورة (الروم 21).
وللحديث بقية..
@alkhudaiir