المفارقة التي حدثني الزميل العزيز عنها أنه يتذكر عدد من كان يظهر على الفضائيات ليحلل، ويفسر، ويبين حول الشأن الخليجي عموما، والسعودي بشكل خاص كان من الأشقاء العرب الذين أتاحت لهم ظروف العمل في المملكة، ودول الخليج العربية الظهور كخبراء، ومختصين في الشأن السعودي، سواء كان سياسيا، أم اقتصاديا، أم غير ذلك. كما يتذكر العدد المحدود من السعوديين الذين كان أغلبهم من أساتذة الجامعات، والمختصين في الدراسات التاريخية، والاجتماعية، وذكر لي بعض الأسماء التي توارت عن الساحة اليوم. الصديق الخليجي أكد لي غير مرة خلال حديثنا الطويل أنه يصنف هذه الأسماء التي تشعل الفضاء العربي كقوة سعودية ناعمة، مؤهلة، ومدربة، متحدثة، متمكنة من إقناع الناس من المحيط على الخليج بما لديها من بضاعة.
الشيء المميز الذي ركز عليه الزميل العزيز أن هذه البضاعة، وهذه القوة الناعمة صناعة سعودية خالصة. وتذكرت وأنا أستمع إلى ضيفي الخليجي لقاء جمعني بأحد أبرز المحللين السعوديين اليوم، ولن أذكر اسمه، لأنني أعرف أنه لا يحب الإطراء، رغم أنه أهل لذلك بكل تأكيد، أقول جمعتني به الصدفة في أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي وكان محاضرا في عدد يتراوح بين المائة، والمائة والخمسين حاضرا، أمطروه بأسئلة في السياسية، والاقتصاد، والمجتمع، والعلوم العسكرية، وفي السياسة والعلاقات الدولية، وتصدى لكل ذلك بصدر رحب، وكرر كلمة أنا مواطن عداي وهو يتحدث أكثر من مرة، فكانت هي مدخلي للحديث في حضرته، وحضرة المستمعين عندما حان دوري للحديث لكي أؤكد له انه وان وصف نفسه مرارا بأنه مواطن عادي فهو في ذات الوقت يقف في مقدمة صف من السعوديين، والسعوديات الذي يتشرفون بكونهم مواطنين شرفاء عاديين في هذه البلاد المباركية، وهم في ذات الوقت قوة ناعمة تراقب، وتلاحظ، وتحلل وتحاور، بالحجة، والمنطق، والأسلوب العلمي عن هذا الوطن، ومنجزاته، وقيادته وشعبه.
أتذكر كل هذا الزخم الكبير من التطوع في حب الوطن، وخدمته، عبر هذه القوة الناعمة، وأنا أراقب قوة ناعمة سعودية أخرى استخدمتها المملكة العربية السعودية بحنكة، وحرفية، ومطابقة للقوانين، والأعراف الدولية، والدبلوماسية عندما استدعت السفير اللبناني قبل أيام لتسلمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على تصرفات صادرة عن وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال في لبنان الذي تضمنت تصريحات له أدلى بها إلى إحدى القنوات الفضائية أساءت للمملكة العربية السعودية، وشعبها، وشعب الدول العربية في منطقة الخليج العربي. هذه هي القوى الناعمة السعودية تنمو وتزدهر مع الوقت في خدمة الدين والمليك والناس والوطن.
salemalyami@