ترددت في كتابة هذا المقال لأسباب عديدة أهمها أنها ليست أول مرة يخرج فيها مثل هذا الصوت مسيئا للعروبة بشكل عام وللبداوة بشكل خاص باعتبارها معدن العروبة وأصلها، وباعتبار أن أبناءها يمثلون قيمها وأخلاقها ويتوارثونها جيلا بعد جيل، تدفع هذا الصوت النشاز وأمثاله دوافع من العنصرية والحقد والحسد والذي يمتد بعضه إلى جذور تاريخية وثارات عند بعضهم، خاصة هؤلاء الشعوبيين والطائفيين الذين يرون في العروبة التي هي معدن الإسلام وجوهره عدوا قوض إمبراطورياتهم وأذل أباطرتهم فما زالوا يحاولون الانتقام والإساءة والتقليل من شأن الأمة ودورها الحضاري والإنساني الذي لم تحمله وتقوم به في عصور مضت فحسب، بل هي آخذة هذه الأيام في العودة إلى ترسيخه بين الأمم تشهد بذلك إنجازاتهم العلمية والاقتصادية والسياسية والتي وإن كانت حتى الآن دون تطلعات أبنائها وآمالهم إلا أنها مبشرة رغم كل شيء بغد أفضل -بإذن الله-، لكن الصوت هذه المرة واضح القصد ومبيت النية وصادر من وزير مسؤول عن وزارة من الأعراف السياسية الدولية أنها تتبنى دائما دورا حياديا محسوبا باعتبارها المنفذ للدبلوماسية والسياسة الخارجية للدولة التي يجب أن تعتني دائما بعدم الإساءة للدول الأخرى فما بالك إذا كانت دول شقيقة وصديقة طالما قدمت للبنان يد العون والمساعدة ووقفت معه في كل الظروف والأحوال، ولعبت أدوارا أخوية، وقامت بوساطات تاريخية من أجل المحافظة على أمن لبنان والسلم الأهلي بين طوائفه ومكوناته، وبدلا من أن يعبر وزير خارجيته عن العرفان لهذا الدور ولهذا العون الذي لا ينقطع من السعودية خاصة ودول الخليج بشكل عام فهو يسيء إليها مرتين مرة باستخدام البداوة بقصد الإساءة وهي لا تعني إلا المروءة والشهامة، ومرة باتهامها زورا وبهتانا بدعم الإرهاب الذي يعرف العالم كله أن داعميه هم الذين يحاول هذا الوزير مجاملتهم من الشعوبيين الذين لم يخفوا عداءهم للعروبة وأطماعهم في البلاد العربية، ولم ير منهم وطنه لبنان وسائر البلاد العربية إلا تصدير الطائفية والخراب والتحريض على الاقتتال باستخدام أدوات من بنيه المغرر بهم أمثاله لتحقيق أطماعهم، وهو يتجاهل أو أنه جاهل أن الذين يصفهم بالبدو هم الآن في مقدمة دول العالم ولا تنعقد قمة الدول العشرين مثلا إلا بحضورهم، ولا يمر يوم من الأيام إلا ويسجل أبناؤهم فوزا جديدا في المسابقات والأبحاث العلمية وتسجيل براءات الاختراعات في كافة المجالات، وهم الذين سبقوا أكثر الدول تقدما في التحول الإلكتروني بالخدمات، وهم الذين لا توجد صناعة عالمية إلا وهم مساهمون فيها، وتمتلئ جامعات الغرب بالأساتذة منهم في كافة التخصصات، لأن دولهم تعد أبناءها لبناء الأوطان والمساهمة في الحضارة الإنسانية والعالمية، فيما يجتهد من يتبعهم شربل في تشكيل العصابات الإجرامية التي تعبث في الأوطان تحت ألوية الطائفية والشعوبية وخداع العامة بالشعارات الدينية وشراء ذمم السياسيين وولاءهم بالرشاوى حتى يصبح ولاؤهم لهذه الأطراف الخارجية أقوى من ولائهم لأوطانهم فيعجزون حتى عن الاتفاق على تشكيل حكومة تحقق الأمن والطمأنينة للمواطنين فتبقى البلاد بلا حكومات سنين ولا تشكل إلا وفق هوى قوى خارجية لا تتمنى للبنان الخير والسلام والاستقرار، وكما يجهل شربل أو يتجاهل أن السعودية ودول الخليج ليس لها مطامع في لبنان لا في أرضه ولا في بتروله ولا حقول غاز المتوسط، فيما تطمع الدول التي اشترت ذمم أمثاله بكل شيء في لبنان وتريده غنيمة وساحة نفوذ وجسرا للمؤامرات على المنطقة والعالم ومستودعا للمتفجرات التي تدمر بيوت أهل بيروت على رؤوس أصحابها.. نعم يا شربل أنا بدوي ابن بدوي وأعتز بأصلي وانتمائي، وإنني وإن كنت قد أخذت من الحضارة بكل أسبابها ومكتسباتها فسأبقى البدوي الذي لا يقبل أن يكون ذيلا ولا تابعا لأجنبي حاقد على هذه الأمة، ولن تثنيني اتهاماتك عن أن أظل عونا للأشقاء في لبنان للخروج من المحن التي أدخلهم فيها أمثالك بأوامر من أسيادهم، وستظل البداوة أصل الأمة ومعدنها الصافي، أما الطارئون أمثالك فهم حتما إلى زوال.. أنا بدوي أنقل عروبتي وأنت يتبرأ منك أحرار لبنان الذين حضروا جماعات ووحدانا ليعبروا عن استنكارهم لخطيئتك، بل رفع بعضهم الدعاوى القضائية لمعاقبتك.. نعم أقولها بأعلى صوت: أنا بدوي يا شربل.. فمن أنت؟؟.
Fahad_otaish@