قالت أنا أحب شابا غير مسلم فلماذا لا أستطيع أن أتزوجه؟ قلت: إن الزواج لا يبنى فقط على الحب، وإنما هناك أمور كثيرة تحقق السعادة بين الزوجين ومن ضمنها الحب، قالت: ولكني أحببت هذا الشاب، قلت: لو قلت لك إن هذا الشاب مصاب بمرض معد فهل تقبلين الزواج منه؟ قالت: لا، قلت لها فأين الحب إذن؟ فسكتت، ثم قلت: لو كان هذا الشاب عقيما لا ينجب وأنت يهمك أن يكون لديك أطفال فهل تقبلين الزواج منه؟ قالت: لا أو أفكر ولكني سأتردد، قلت: إذن الحب ليس هو المبرر الوحيد للزواج، قالت: ولكني أحببته، قلت: لاحظي جوابك عندما خيرتك بين صحتك وحبك له اخترت صحتك، وعندما خيرتك بين أمومتك وحبك له ترددت واخترت أمومتك، فجوابك لي كان جوابا عقلانيا لا عاطفيا وهو الصحيح، لأنك نظرت لسعادتك ومستقبل علاقتك به ولم تنظري للحب فقط، وهذه نظرة الإسلام للزواج فهو يهدف لسعادة الدنيا والآخرة وليس سعادة الدنيا فقط، وحبنا لله ورسوله ينبغي أن يكون أكبر من كل حب، وطاعتهما مقدمة على أي طاعة أخرى، قالت: ولكن ما هو الجواب على سؤالي؟، قلت: أما الجواب فهو بسيط جدا لأنك أنت تؤمنين بكل الأنبياء والرسل بينما هو لا يؤمن بنبيك ودينك، والرجل بطبيعته يحب أن تكون له الكلمة في البيت ويحرص على أن يكون اعتقاد زوجته وأولاده مثله، هكذا أكثر الرجال يفكرون ويحبون، فالله حرم هذا الزواج حماية للأسرة من التفكك، ورحمة للمرأة حتى لا يجبرها زوجها على اعتقاد أو فكر أو سلوك يخالف معتقدها فتحافظ على هويتها ودينها وتربية أولادها
قالت: ولكن هناك بعض الرجال لا يهمهم إدارة الأسرة وتربية الأبناء، قلت: كلامك صحيح ولكنك تتكلمين عن الحالات النادرة أما القاعدة العامة فهي ليست كما تقولين، والإسلام عندما يضع نظاما فإنه يضعه للعموم ولا ينظر للاستثناءات وهكذا هي القوانين بشكل عام، وأريد أن أسألك: هل اشتريت دواء وقرأت الوصفة المرافقة معه؟ قالت: نعم، قلت: هل قرأت الأعراض الجانبية للدواء ثم تناولت الدواء ؟ قالت: نعم، قلت: لماذا لم تتركي الدواء بسبب الأعراض الجانبية له علما بأنهم يكتبون أحيانا أعراضا خطيرة؟ قالت: لأن الدواء مفيد ويشفي، أما الأعراض الجانبية فهذا استثناء لا يشترط حصوله مع كل مريض، قلت لها: ببساطة هذا هو الإسلام، فأحكام الإسلام شرعت لمصلحة الإنسان وعلاجا للمشاكل الإنسانية، ولهذه الأحكام أعراض جانبية قد تؤلم البعض وتحزنهم ولكن لا يمكن الاستغناء عنها.
قالت: مثل ماذا ؟ قلت: الطلاق فيه تفكيك للأسرة وتأثير على الأطفال ولكن الحياة لا تستقيم إلا به وكذلك التعدد، والجهاد فيه موت وجراح وأسر ولكن الحياة لا تستقيم إلا به، وتحريم الزواج من غير المسلم قد يكون فيه ألم التخلي عن الحبيب إلا أن الحياة لا تستقيم إلا به، فإيمانه غير إيمانك وعاداته غير عاداتك وثقافته غير ثقافتك ودينه غير دينك والحلال عندك حرام عنده، والستر عندك تعقيد عنده وهكذا، قالت: لقد صعبت الموضوع علي.
قلت: أسألك لو قال لك الطبيب أخيرك بين موت ابنك وقطع ساقه فماذا تختارين؟ قالت: قطع الساق، قلت: قطع الساق مؤلم لكن الحياة لا تستقيم إلا به، فقطع علاقتك بهذا الرجل مؤلم ولكن هذا القرار يحقق سعادتك بالدنيا والآخرة وأنصحك بأن تعيدي النظر بقرارك.
drjasem@