النوم يؤثر على جودة الحياة

يقضي الإنسان نحو ثلث حياته نائما، في دراسة صدرت عن مركز الأبحاث في مدينة الملك فهد الطبية في منطقة الرياض 2015-2016م كان قرابة 41% من المواطنين يعانون من اضطرابات النوم. وأشارت الدراسة إلى أن أكثر من نصف المشاركين ينامون أقل من ست ساعات يوميا، ويخلد معظم هؤلاء إلى النوم متأخرا بعد منتصف الليل وأنهم يعانون من الخمول والتعب والإرهاق عند الاستيقاظ من النوم صباحا.
هناك أكثر من 84 مرضا واضطرابا قد تصيب النائم والتي قد تصيبه على اختلاف مراحله العمرية، وتتفاوت أعراض اضطرابات النوم من صعوبة النوم ليلا، أو الاستيقاظ صباحا، أو الإحساس بالإرهاق طوال اليوم. كما أن الاستيقاظ فزعا بسبب الكوابيس الليلية أو المشي أثناء النوم، أو الاستيقاظ بأعراض صداع في الرأس والتشنج في الفك بسبب صرير الأسنان تصنف كذلك من اضطرابات النوم، وقد تتفاقم اضطرابات النوم إلى تبليل الفراش بدون وعي.
يعد الأرق من أكثر اضطرابات النوم انتشارا، ويعرف على أنه صعوبة الدخول أو الاستمرار في النوم، ويزداد بشرب المنبهات أو المشروبات التي تحتوي الكافيين ومنها مشروبات الطاقة، أو بالتوتر حين تزداد الضغوط أو تغير نمط النوم، أو مع الاكتئاب والقلق بزيادة في النوم أو أرق، وكنتيجة لبعض الأمراض مثل فرط نشاط الغدة الدرقية والأدوية.
يعالج الأرق بتنظيم ساعات النوم وتجنب المنبهات. كما أن هناك تجارب يقوم بها الباحثون بالعلاج بواسطة الضوء لحالات الأرق المزمن، ويراعى تجنب الأدوية المنومة وحتى الأعشاب والمكملات الغذائية التي تساعد على النوم إلا باستشارة طبيب.
ومن أخطر اضطرابات النوم المعروفة ما يسمى انقطاع التنفس أثناء النوم Sleep Apnea، وهو من مسببات الشخير والاستيقاظ بشكل مستمر بسبب الشعور بالاختناق، مما يترتب على ذلك نوم مضطرب وعدم الإحساس بالاكتفاء والتعب بعد الاستيقاظ والعصبية والضيق الزائد واضطرابات المزاج، ويعاني المريض كذلك من ضعف الذاكرة والقدرة على الاستيعاب والفهم والتحليل المنطقي، ويتأثر عضويا ونفسيا من الضعف الجنسي. كما يعاني الكثير منهم من أعراض الاكتئاب، ويتسبب في زيادة حالات الطلاق أو العنف الأسري.
وترتبط الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم بعدد من الأمراض المزمنة مثل الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والجلطة الدماغية والقلبية، كما ترتفع نسبة الوفاة المبكرة عند مرضى هذا النوع من اضطراب النوم بالنسبة لأقرانهم غير المصابين به.
تتسبب اضطرابات النوم في خسائر صحية ومهنية واجتماعية واقتصادية، حيث تتسبب بزيادة خطر تعرضهم للحوادث الوظيفية خصوصا في الأعمال التي تتطلب تنسيقا عصبيا عضليا مثل الجراحة وطب الأسنان أو تركيزا ذهنيا يتطلب اتخاذ القرارات، أو على الطرق لتأثيره على المزاج والتعامل مع ردود الأفعال.
وينجم عن معاناة المصاب باضطرابات النوم أعراض صحية تجعله يلجأ إلى طلب المساعدة الطبية مما يؤثر على الاقتصاد الصحي، ففي الولايات المتحدة تكلف اضطرابات النوم حوالي 16 مليار دولار من النفقات الطبية، كما أنها تسبب مشكلات صحية أخرى أكثر تعقيدا، وتهدر طاقة المصاب بها، وتؤثر على جودة الحياة التي يعيشها.
لهذا يوصى بالوقاية من اضطرابات النوم من خلال تعزيز الوعي به وإشراك التخصصات الطبية ذات العلاقة بالتدريب في كيفية التعامل معه، وتأمين الموارد من متخصصين في طب النوم والعلاج التنفسي مع أدوات التشخيص والعلاج والقوانين المعززة لتحسين جودة النوم.
إن كنت تواجه صعوبات في النوم نظم وقت ذهابك للفراش، تجنب المنبهات قبل النوم، مارس تمارين التنفس، وتعامل مع الضغوط، واستشر طبيبك للمساعدة.
DrLalibrahim@