يقول جون فينابل، وهو من قدامى المحاربين، قضى في سلاح الجو الأمريكي خمسة وعشرين عاما، وهو باحث بارز في السياسة الدفاعية في مؤسسة هيريتيج: «إن إسرائيل تشتبك بنشاط مع عدو يمتلك تهديدا حقيقيا ومستمرا لشعبها وصناعتها وحكومتها، أي وجودها ذاته، وهذا العدو لا يريد أكثر من خلق كابوس شؤون عامة للإسرائيليين من خلال إجبارهم على ضرب أهداف لا يوجد فيها مفر من احتمال قتل الأبرياء».
ويضيف: «إن قواعد الاشتباك التي تحكم الاستهداف والأضرار الجانبية التي يمكن للولايات المتحدة أن تقبلها تقوم على أساس التهديد، وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، لم تشكل الجيوش أو الفصائل العسكرية التي حاربناها تهديدا حركيا مستمرا للولايات المتحدة وشعبنا، ومع مراعاة ذلك، فإن قواعد الاشتباك والتعليمات الخاصة متحفظتان للغاية ولا تقبلان سوى النزر اليسير من الأضرار الجانبية».
وافترض فينابل أنه «إذا واجهت الولايات المتحدة تهديدا مماثلا، مع وجود تهديدات للمواطنين الأمريكيين، فليس هناك شك في أن قواعد الاشتباك لدينا ستصبح بدورها عدوانية بنفس القدر، ولكن الصعوبة المتمثلة في العمل في بيئة حضرية مكتظة بالسكان لا تزال هائلة».
وتابع: «يمكن للولايات المتحدة أن تتعلم الكثير من هذا الصراع، ومن الأفضل أن تعتقد أننا نولي اهتماما بالأمر».
غير أن جوردون كوكولو وهو ليفتنانت كولونيل سابق في القوات الخاصة شهد القتال في فيتنام والسلفادور، أكد أن الولايات المتحدة لن تقوم على الأرجح بحملة جوية مماثلة في مناطق حضرية مزدحمة لعدة أسباب.
وتابع: «لقد نسي الأمريكيون حقيقة الحرب، ونحن مرعوبون من احتمال إلحاق خسائر في صفوف المدنيين حتى لو كان المدنيون يدعمون العدو بنشاط، كما نخشى الصحافة المعادية، وقيادتنا ترتعد من تهديد الاتهامات الدولية، وبالنسبة للجنود والقادة، فإن (المدن) هي أقل مكان مرغوب فيه للقتال، ومع أنواع قواعد الاشتباك الجنونية التي يفرضها المحامي العام العسكري وقيادتنا على المقاتلين تجعل المهمة الصعبة أكثر صعوبة».
وكتبت هولي مكاي، وهي صحفية أسترالية أمريكية عملت مراسلة لشبكة «فوكس نيوز» وقدمت تغطية من مناطق الحروب في العراق وسوريا واليمن وأفغانستان، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» تتساءل عما إذا كان من الممكن أن تشن الولايات المتحدة حرب مدن مثل تلك التي تشنها إسرائيل؟
وقالت: «يشير الصراع في الشرق الأوسط إلى التحديات التي تنبع من القتال الكثيف في المناطق الحضرية، والذي يختلف كثيرا عن التلال النائية والسهول الوعرة في الأدغال الاستوائية».
وتضيف: في الواقع، تحملت الولايات المتحدة نصيبها من الانتقادات بشأن مقتل المدنيين في الحملات الجوية.
مشيرة في تقريرها إلى أن القوة النارية الهائلة ساعدت التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق بهزيمة تنظيم داعش في المدن الكبرى، ومع ذلك، أدى عدد المدنيين الذين قُتلوا في ضربات التحالف الجوية والمدفعية بين عامي 2015 و2020 إلى سقوط أكثر من 1400 قتيل من المدنيين، وفقا لتقرير حديث أعدته مجموعة مراقبة الحروب الجوية (إيرورز)، ومقرها المملكة المتحدة، ويعزى ارتفاع عدد الوفيات إلى تخفيف قواعد الاشتباك عندما تولى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منصبه.